ودللت الدراسة التي أعدها الخبير الاقتصادي الدكتور محمد يحيى الرفيق استاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة ذمار على صغر حجم البنوك التجارية العاملة في اليمن، بتواضع دورها في عملية الإستثمار والتنمية في البلاد... مؤكدة ان أغلب تلك البنوك تتجه نحو الإستثمارات المضمونة في النجاح والتي لها عائدات سريعة، وتعدًّ أقل مخاطرة وأكثر ضماناً، والمتمثلة في شراء أذون الخزانة بهدف الحصول على الفوائد التي يقدمها البنك المركزي، وخاصة بعد أن تم تعويم أسعار الفائدة.
ولفتت الدراسة الخاصة بدور المصارف في تمويل وتنمية الصناعات الصغيرة في اليمن إلى الدور الذي يمكن أن تؤديه المصارف التجارية في المساهمة في رفع معدلات النمو الإقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة، فضلا عن تشجيع الإستثمار الخاص من خلال تبني مشروعات صناعية وإستثمارية عن طريق التوسيع في الطاقة الإنتاجية في الاقتصاد القومي من خلال تدعيم الصناعات الصغيرة التي يمكنها أن تلبي احتياجات الطلب المحلي وبالتالي تصدير الفائض من تلك المنتجات.
وقالت الدراسة " هذا لن يتم إلا من خلال مساهمة تلك المصارف في تنمية المهارات للمنظمين بحيث تتنامى قدرتهم على إدارة وتطوير وتنفيذ المشروعات الصناعية الصغيرة، أي السعي نحو تحسين مهارات وقدرات طاقة العمل على استيعاب التقنيات الجديدة وتلبية متطلبات الاستثمارات الجديدة من قوة العمل الماهرة وشبه الماهرة".
وتوقعت الدراسة التي استخدمت الأسلوب الوصفي والاستنباطي والتحليلي أن تلعب المصارف الإسلامية في اليمن دوراً في توفير الموارد المالية المحلية الضرورية لزيادة معدل النمو الاقتصادي، ويمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في حشد المدخرات القومية والخارجية، بالإضافة إلى تدعيم الاستقرار الاقتصادي.
وأشارت إلى ما يمكن أن تقدمه المصارف الإسلامية من تشكيلة واسعة من الأنشطة والخدمات والتي تحتاج إلى الكوادر المتخصصة والفنية في جميع المجالات، كونها وثيقة الصلة بالموارد البشرية للمجتمع مثلما هي وسيلة هامة لتعبئة المدخرات فضلا عن ذلك تقوم بتوظيف الموارد البشرية للمجتمع معا، وهذه الميزة موجودة في المصارف الإسلامية أكثر منها في المصارف التجارية.
وقارنت الدراسة - التي حصلت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) على نسخة منها- الصعوبات في مجالي الصناعات الصغيرة والتجارة للمنشآت الصغيرة في اليمن بركود السوق، موضحة أن 32 % من ذلك الركود يكمن في جانب الصناعة، 23% في التجارة.
ولفتت إلى أن التضخم في الصناعة بلغ 6 % ،بينما تجاوزت نسبته في التجارة 12 % .
وفيما يتعلق بنقص رأس المال أو التمويل فقد بلغت 6 % في الصناعة ، و8 % في التجارة، كما أن أسعار المدخلات في قطاع الصناعات الصغيرة ارتفعت بنسة 5 % ، ومثلها في الإيجارات.
وأكدت في هذا الصدد أن الدخل في مجالي الصناعات الصغيرة والتجارة انخفض بنسبة 4 % في كلا منهما، موضحة أن الخدمات المقدمة من قبل الحكومة والتي ارتفعت أسعارها نحو 4% أثرت على الصناعة.
وأشارت إلى عدد من التحديات الأخرى التي تواجه الصناعات الصغيرة في اليمن, أبرزها تحديات التمويل والتسويق والتحديات الفنية المرتبطة بالقصور الشديد في مجال الخدمات المساندة لتوفير المعلومات الفنية التي يحتاجها المشروع أو المشروعات الصغيرة.
وبخصوص التمويل للمشروعات الصغيرة ذكرت الدراسة مصدران للتمويل هما داخلي وخارجي، فالتمويل الداخلي يتم عن طريق الاحتياطيات أو الأرباح المتراكمة في المشروع أو المدخرات الشخصية للمالكين أو الاقتراض والدعم المالي من العائلة أو الأصدقاء أو احد الأقارب لمالك المشروع.
أما التمويل الخارجي فيتمثل في البنوك التجارية والمؤسسات الاقراضية الأخرى وأيضا يمكن الحصول على الائتمان من قبل الموردين أو الحصول على رأس المال بعدة طرق من المؤسسات المهتمة بدعم المشروعات الصغيرة الحكومية منها وغير الحكومية أو من خلال المشاركة لبعض مالكي رأس المال بهدف زيادة التمويل للمشروع.
وأوضحت أن السياسات التمويلية لمعظم البنوك التجارية لا تقوم إلا بتمويل الأنشطة التجارية، في حين أن الأنشطة الاستثمارية كالمشاركة في تمويل إنشاء صناعات محدودة أو غائبة، نظرا لانخفاض العائد المنتظر من القروض الصغيرة، وارتباط نشاطها بعمليات تجارية بعيدة عن المخاطر وسريعة العائد.
واقترحت في هذا الجانب إنشاء مراكز صغيرة للتدريب على الصناعات الصغيرة في الأرياف من اجل نقل العمالة من القطاع التقليدي (الزراعي) أو القطاع الأقل إنتاجية إلى القطاع الحديث الصناعي، و بناء البنية التحتية في الأرياف تمثل شيء أساسي لزيادة انتشار المصارف في الأرياف .
وناشدت صانعي القرار الاهتمام الكبير بالصناعات الصغيرة من خلال معالجة كل التحديات التي تواجهها (مالية - تكنولوجيا - تشريعية - فنية - تسويقية - ترويجية)، إضافة الى التركيز على التمويل الخارجي (المصارف المتخصصة والمصارف التجارية و الإسلامية) وجعل مؤسسات التمويل تعطي بعض الامتيازات للصناعات الصغيرة كونها الأكثر مقدرة، على معالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
واعتبرت " المشكلة الأساسية لهذه الدراسة تتركز في كيفية نقل العمالة من القطاع التقليدي الزراعي إلى القطاع الحديث الصناعي وهذا لن يتأتي إلا من خلال إعادة استثمار أرباح أصحاب رأس المال في الاقتصاد المحلي بدلا من تسربه إلى الخارج أو من خلال التمويل من المصارف".
وعللت ذلك بانخفاض نسبة الطلب للقوى العاملة في النشاط الزراعي والسمكي التي بلغت نحو 37ر1 % عام 2003، نظرا لإنخفاض مستوى الدخل.. مؤكدة أن عملية نقل اكبر قدر من العمالة من القطاعات غير الإنتاجية إلى القطاع الإنتاجي ( الصناعي ) سيؤدى إلى نقلة نوعية وبالتالي سيزداد الإنتاج ومن ثم يزداد مستوى الدخل الفردي.
فيما أشارت الدراسة طبقا لنتائج مسح الطلب على القوى العاملة في المنشآت الخاصة لعام 2003 الى أن نسبة العاملين في الصناعات التحويلية لا تمثل إلا 23%، حيث أظهرت أن أكبر نسبة لطلب القوى العاملة هو في مجال تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات والسلع الشخصية والأسرية بنحو 50% .
وأضافت " اغلب الشريحة في هذا المجال يطلبون العمل في ذلك لأنه الأسرع في الحصول على العوائد على الرغم من أن ممارسة النسبة الكبيرة دون دراسة أو تخصص وإنما بالاحتكاك والممارسة", مشيرة إلى وجود أساليب خاطئة تمارس في تلك العملية.