وفي اليمن، الذي يشهد تدنيا كبيرا في الإقبال على وثائق السجل المدني، أقر مجلس الوزراء مؤخرا استراتيجية وطنية للسجل المدني تهدف إلى استكمال قاعدة البيانات لنسبة كبيرة من المواطنين مع حلول العام 2015 وهو موعد الانتهاء من تنفيذ الاستراتيجية.
"السياسية" التقت رئيس مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني، اللواء رشيد جرهوم، لمزيد من المعرفة حول الاستراتيجية، وأجرت معه الحوار التالي:
* هل هناك استراتيجية وطنية للسجل المدني؟
- نحن في مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني قمنا بمسح شامل لأوضاع السجل المدني على مستوى الجمهورية، فأخذنا عام 2006 كعينة وتم نزول لجان متخصصة إلى كافة المحافظات، وبنتيجة ذلك تم الحصول على نتائج متكاملة لوضع السجل المدني في كل المحافظات، سواء كان من حيث الإقبال على وثائق السجل المدني مثل شهادة الميلاد والبطاقة الشخصية والعائلية أم من حيث أوضاع الأحوال المدنية الإدارية. وبناء على ذلك قمنا بإعداد استراتيجية لتحديث وتطوير الأحوال المدنية والسجل المدني حتى العام 2015.
* ما مبررات هذه الاستراتيجية؟
- عملنا خلاصة لنتائج المسح. وأهم نتائج المسح أنه كان هناك ضعف في الإقبال على وثائق السجل المدني، وأن المواطن لا يلجأ إليها إلا عند الضرورة، مثلا الإقبال على شهادة الميلاد متدنًٍّ، ووقت دخول المدرسة تكون مضطرا لأن تأخذ شهادة ميلاد، والشيء نفسه مع بقية الوثائق؛ شهادة الوفاة مثلا عندما يكون هناك تقسيم تركة مثلا؛ كذلك البطاقة العائلية والشخصية. من جانب ثان النظام اليدوي أصبح قديما ومتخلفا وعلى هذا الأساس تم إعداد هذه الاستراتيجية وقمنا بجملة من الأنشطة للترويج لهذه الاستراتيجية على مستوى الشركاء، أي الجهات المقابلة التي نتعامل معها بدرجة رئيسية وبعض المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني وعرضناها على وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، واستمرينا في هذه الفترة إلى أن تم إدراجها ضمن جدول أعمال مجلس الوزراء الذي أقرها بدوره مؤخرا.
* إلى ماذا تهدفون من هذه الاستراتيجية؟
- أولا وضعنا للاستراتيجية أهدافا رئيسية، الهدف الأول أن نكون بحلول العام 2015 قد استكملنا القاعدة الأساسية للسكان، بمعنى أنه خلال هذه الفترة الكاملة من خلال تنفيذ جملة من الأهداف الرئيسية والجزئية ستكون بيانات المواطنين قد وصلت إلى مرحلة معينة وأصبح عندنا قاعدة متكاملة من البيانات الأساسية للسكان على مستوى المديرية وعلى مستوى المحافظة وعلى مستوى المركز الرئيسي.
*تحدثتم عن بطاقات جديدة، هل فعلا ستتضمن الاستراتيجية الجديدة بطاقات شخصية جديدة؟
- نعم، فنحن نهدف إلى إصدار البطاقة بالشريحة الذكية وبالرقم الوطني والعلامات الحيوية، تحتوي على شريحة الكترونية ذات طاقة خزن كافية لاستيعاب بيانات المواطن وبيانات السجل المدني والانتخابي مع إمكانية إضافة أي بيانات أخرى بحسب تطور التقنيات في الوزارات والمؤسسات الحكومية. ضمن هذا الهدف سننتقل من البطاقة الشخصية الآلية التي نصدرها حاليا إلى بطاقة أحدث تواكب طبيعة التطورات العالمية التي حدثت على مستوى العالم في البطاقات الشخصية، وبالتالي البطاقة ذات شريحة خزن معينة بسعة من أربعة كيلوبايت إلى جيجابايت، فمثلا يمكن أن ندخل فيها البيانات الانتخابية ويصبح ناخبا بالبطاقة، وندخل البيانات الوظيفية فيصبح موظفا بالبطاقة، ويمكن أن يسافر بهذه البطاقة، يعني يمكن أن تصبح جواز سفر، كذلك أي بيانات مالية ومصرفية يمكن إدخالها في هذه البطاقة.
*كم من البطاقات الذكية تستهدفون إصدارها خلال المرحلة الأولى؟
- نرغب أن يتم التنفيذ على شكل حملة وطنية شاملة، وبالتالي تنزل من خلال المراكز نفسها، ومن خلال فرق ميدانية متحركة تنزل إلى القرى وإلى المدارس وإلى الأماكن والمستهدفة ونصرف البطاقات الشخصية.
*وماذا عن أهداف الاستراتيجية على مستوى آلية العمل؟
- وضعنا في الاستراتيجية هدفا لإصدار وثائق السجل المدني والانتقال من العمل اليدوي إلى العمل التقني، مثلا البطاقة العائلية ستصبح أشبه بجواز السفر، دفتر جواز السفر نفسه، وسيكون هناك "استيكرس" لرب الأسرة، يعني لاصق لرب الأسرة ولاصق للأولاد ولاصق للزوجات.
*هل سيتم التخلص من الأعمال الورقية نهائيا؟
- كاستمارة أولية هي ستبقى، إنما بالنسبة لبقية الأعمال فضمن خطتنا في الاستراتيجية أن ننهي جميع الأعمال الورقية، لكن سنحافظ على الأرشيف اليدوي لأنه ثروة، وسننتقل إلى العمل الآلي ويكون العمل آليا ويدويا، فهذه المرحلة أن وثائق السجل المدني مثل شهادات الميلاد وشهادات الوفاة والزواج والطلاق.
*هل سيتم توسيع مراكز إصدار وثائق السجل المدني ضمن الاستراتيجية الجديدة؟
- معنا المستشفيات والقابلات وأمناء القرى والعزل والنواحي سيكون عندهم ما يسمى "بلاغ الولادة" سيكون مرتبطا بـ"البار كورد"، وبالتالي عندما يعبئ المستشفى بيانات المولود: الأب والأم وتاريخ الميلاد... فبالتالي الأب يأخذ "بلاغ الولادة" إلى أقرب مركز لمصلحة السجل المدني ويحصل على شهادة الميلاد ويصرف له الرقم الوطني.
* هل ستضيف الاستراتيجية وظائف جديدة للمصلحة؟
- ليست وظائف، وإنما نهدف من خلال تنفيذ هذه الاستراتيجية إلى إنشاء نظام متكامل للإحصاء الحيوي باعتباره الركيزة الأساسية للتنمية والنهضة، فالدول بدأت تتجه الآن نحو الإحصاء الحيوي، لأن الإحصاء السكاني يحصل كل عشر سنوات، وبالتالي قد لا يكون بالدقة نفسها بالنسبة لمعرفة الجوانب الديموغرافية للسكان. فنحن سننشئ نظاما متكاملا للإحصاء الحيوي.
* أيمكن أن توضح للقارئ ما يقصد بالإحصاء الحيوي؟
- هو إجمالي البيانات المرتبطة بالمواطن منذ ولادته إلى تعليمه إلى زواجه إلى خدماته المختلفة... إلى وفاته. المواطن يدخل في علاقات ضمن نطاق الأسرة الواحدة وفي علاقات مع محيطه وفي علاقات مع الدوائر الحكومية، تثبت حقوقه المدنية بدرجة رئيسية كاملة وتثبت كيانه المدني في المجتمع. تصور دولة ما عندها سجل مدني، ما عندها أي هوية رسمية، ما عندها أي جوانب تثبت شخصية المواطن وتؤكد علاقته بالآخرين! هذه البيانات تحتاجها الدولة للتخطيط، مثلا يولد حاليا نحو 20 أو 30 طفلا، هؤلاء الأطفال المواليد بحاجة إلى مدرسة بحاجة إلى تعليم بحاجة إلى صحة... وبالتالي الدولة التي لا تعرف مواليدها بدقة لا تستطيع أن تخطط بشكل سليم، لهذا أي تنمية أي تخطيط لا يمكن أن يتم بدون الإحصاءات الحيوية.
مثلا في قاعدة البيانات يمكن أن نطلع من خلال الإحصاء الحيوي كم عدد الذكور وكم عدد الإناث، أن نطلع منها فصائل الدم منهم أو كم عددهم وكم عدد من يحملون فصائل الدم "إيه" و"بي"... وكذلك البقية، إضافة إلى حجم المتعلمين والأميين وكم المعاقين كم عدد مواليد اليمن وكم عدد المواليد خارج اليمن.
*وماذا عن الإصلاح الإداري داخل المصلحة؟
- ستصبح المصلحة بحلول العام 2015 من أحدث مؤسسات وزارة الداخلية من حيث الهيكلية والبناء التخطيطي والقدرات البشرية والعمل الإداري والخدمي المعتمد على أحدث التقنيات. وهذا يأتي في المحور التنظيمي والتشريعي نحن عملنا إعادة هيكلة شاملة للأحوال المدنية والسجل المدني أنشأنا الإدارة العامة لتقنية المعلومات وهي الإدارة المتخصصة للجوانب التقنية في المصلحة كان عدد المهندسين فيها لا يتعدى أصابع اليد الآن عدد المهندسين فيها 471 مهندسا ومدخل بيانات نصفهم تقريبا من الإناث لخصوصية بيانات الإناث، غطينا في المشروع الحالي المراكز الرئيسية للمحافظات كاملة مع سقطرى وسيئون وغطينا 45 بالمائة على مستوى الجمهورية، منها أمانة العاصمة وهي أول محافظة نغطيها بالكامل بالإصدار الآلي و10 مديريات معنا مجمع بير عبيد مجمع خدمي تابع لوزارة الداخلية والمركز الرئيسي للمصلحة. أنشأنا أيضا الإدارة العامة للتوثيق والإدارة العامة للسجل المدني كانت موجودة من قبل وأيضا بدأنا نعد تعديل على قانون الأحوال المدنية والسجل المدني طبعا هو مقر من العام 1990 وخلال السنوات الماضية حدثت تطورات. هذه كلها ليست داخلة ضمن التشريع وهذه التعديلات جاهزة وستقدم قريبا إلى مجلس الوزراء ونقوم حاليا بتجهيز اللائحة التنظيمية واللائحة التنفيذية للقوانين.
*بالعودة إلى جانب التنمية البشرية والكادر البشري داخل المصلحة...؟
- البناء المؤسسي وبناء القدرات سنقوم بتأهيل الكادر البشري في ثلاثة مستويات، المستوى العالي والمتوسط والمستوى العادي. نحن بحاجة في المستوى العادي إلى مستوى الأشخاص الذين يعملون في مجال إدخال البيانات مدخلي البيانات، عنصر مهم جدا هم الذين يقابلون المواطنين هم الذين يستقون المعلومات، بمعنى تأهيل الشخص ليكون قادرا على إدخال البيانات والتعامل مع الناس. ثم الجانب الوسطي وهم شريحة من الفنيين وحملة الدبلوم والذين لهم مهام ووظائف حيوية في النظام. والمستوى العالي هم المهندسون وحملة البكالوريوس وأعلى منهم طبعا المتخصصون في علوم الحاسوب.
* كيف يمكن أن تسهم المصلحة في التنمية وفي تسهيل الخدمات وتبادل المعلومات؟
- حينما نصل إلى مرحلة معينة حين تصبح المصلحة مزودا رئيسيا للجهات، بمعنى أن منظومة العمل في المصلحة تستخلص المعلومة، والمحلل هو شخص آخر هو باحث أكاديمي متخصص في العلوم الاجتماعية أو الإنسانية، هو الذي تصل إليه الأرقام ومن خلال الأرقام يستطيع أن يخلص إلى استنتاجات معينة، مثلا عندما نسلم بيانات المستوى التعليمي إلى وزارة التربية والتعليم أو إلى وزارة التعليم العالي تستطيع أن تحلل هي اتجاهات التعليم أين الخلل الموجود في الجانب التعليمي، عندما نوصل بيانات المعاقين إلى الجهات المسؤولة عن المعاقين في الدولة تقدر تعرف اتجاهات الإعاقة في المجتمع وكيف ينبغي تركيز الجهود لمعالجتها والعناية بالمعاقين، فالتحليل ليست مهمتنا وإنما نسعى إلى استكمال قاعدة البيانات لتكون مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني هي المرجعية في تزويد الوزارات والمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني بالبيانات والمؤشرات كلاّ فيما يخص مجال اهتمامه ويساعدهم في معرفة طبيعة الاتجاهات الموجودة في المجتمع والتركيبة الديموغرافية وبالتالي استخلاص نتائج معينة تساعد على اتخاذ قرارات سليمة تخدم العملية التنموية في اليمن... سنبدأ الآن تدريجيا في إعداد الخطوات التنفيذية للاستراتيجية.