وأفاد منظموا الختم أن الهدف من إقامته تعريف الأجيال الجديدة بإرث وماضي أجدادهم والحفاظ على هذه العادات والتقاليد وتطويرها لتصبح تقليدا سنويا راسخا وتشكل لوحة تعرض لكل ما يتعلق بتاريخ المكلا وحضرموت وموروثها وحضارتها وإرثها الإبداعي والثقافي، مضيفين أن هذه الختم يعد ظاهرة روحانية ودينية واجتماعية لأبناء مدينة المكلا.
وفي الختم نصبت أربع خيم صغيرة ومتوسطة وكبيرة الحجم، تكونت من سعف وجذوع أشجار النخيل، شملت خيمة المعلامه للأطفال الصغار وخيمة العلاج الشعبي ، والى جانبهما زرع حقل أحتوى على مجسم الهاشميه وعدد من الطبول والهايرات القديمة، التي كتب على كل واحد منها أسم مالكها والشخص الذي اشتراها وأهداها للحي في مشاهد تمثيلية كوميدية حظيت بحضور وإقبال كبيرين.
وأعاد المنظمون لختم مسجد باحليوه الذكريات الخاصة برجال الحي وعلاقتهم بالبحر من خلال تعليق قاربين صغيرين في ساحة الختم خاطهما تعليق لشباك صيد الأسماك، وشباب يبيعون الأسماك الطازجة، فيما يمعن آخرون في إعداد العدة للسفر فجر كل يوم إلى أعماق البحر في رحلة البحث عن لقمة عيش كريمة.
وتضمن الختم مفاجأة جديدة في فقراته هذا العام باستحداث مشهد تمثيلي لـ(موكب الحظه) حيث ينفذ عشرة شباب الموكب وهم يحملون على أكتافهم مريضا نفسيا على لوح خشبي ومغطى بلحاف، يتم عرضه على أحد الأطباء الشعبيين لعلاجه من السحر.
كما فاجأ المنظمون زوار الختم بمشاهد تمثيلية متنوعة كان منها مشهد سوق الحراج الذي يصف حال الناس في المكلا قديما وهم يبتاعون متطلباتهم في سوق يقدم إليه زواره من كل حدب وصوب.
شاعر المداره باحريز، حياته وشعره في سطور
الشاعر الكبير المرحوم سعيد فرج باحريز ولد في عام 1905م, من مديرية حجر وتحديدا من قرية الحصين بمنطقة الجول عاصمة المديرية ، لم يذق الشاعر باحريز الحياة الرغيدة وترف العيش, وحاول ان يغير نمط حياة الريف والجهل, إذ التحق بمعلامة السيد مصطفى بونمي بالمكلا بمسجد النور, وتعلم المبادئ الأساسية للقراءة والكتابة إلا أنه لم يتمكن من الاستمرارفي ذلك بسبب ظروف الحياة القاسية التي أجبرته على ترك التعلم والبحث عن عمل لكسب قوت يومه, إلى جانب وفاة والدته الأمر الذي ألزمه ان يكون مسئولا عن نفسه.
وكانت فترة قدوم الشاعر باحريز الى المكلا تعتبر من أقسى ظروف حياته، حيث اندلعت الحرب العالمية الاولى، ولا شك أنها أثرت في نفسية الفتى القادم من الريف وهدمت بعض أحلامه, امتهن الشاعر سعيد فرج باحريز عددا من الأعمال الشاقة كالبناء والتعريص وكان بياعا في سوق الحراج وعمل في إعداد بعض الوجبات الشعبية مثل الباقية والسانبوسة, والتحق بالعمل الحكومي في5/5/1936م حيث عمل جنديا بقسم شرطة المكلا لفترة وجيزة، ثم عمل مراسلا بمكتب الجوازات بالسكرتارية في وزارة الدولة القعيطية حتى التقاعد في21/12/1965م.
انتقل إلى رحمة الله تعالى صبيحة يوم الأحد الموافق 19من يوليو عام 1987م, بعد معاناة مع المرض استمرت عدة سنوات , حيث كان رحمه الله يشكوا من آلام في صدره , ولزم الفراش خلال السنتين الاخيرتين من حياته فاقدا للوعي في الأشهر الثلاثة الاخيرة, وشيع جثمانه بعد الصلاة عليه عصرا في مسجد عمر بالمكلا ووري الثرى بمقبرة يعقوب لتطوى آخر صفحة من حياة شاعر المكلا سعيد فرج باحريز التي دامت نحو سبعين عاما ونيفا.
هكذا عاش باحريز حياته محباً لأهل حارته رقيقا ودودا مسالما عاشقا للحياة, حكيما عزيز النفس.. عاش حياة بسيطة وترك ثروة عظيمة لأجيال قادمة .. فلم يبحث عن الجاه والنفوذ , بل بحث عن الحب والوفاء والسعادة, عرف قدره ومكانته وأحب التواضع.. أسس مدرسة شعرية رائدة وجعل منهاجها الصدق, الحب, الوفاء,الحكمة وأعطى كل شيء ولم ينتظر بعض الشيء.
إنه باحريز الفقير الغني.. الملك المتواضع.. فارس المدارة.. عاشق الحارة.. شاعر الخيصة وحضرموت واليمن قاطبة, يقول عنه المختصون في الأدب والشعر أنه لا يقل مكانة عن المتنبي وامرئ القيس والفرزدق والأعشى وأمير الشعراء والمحضار والبردوني، وفي الختام هذه بعضا من أبياته المشهورة :
ذا فصل والثاني تحفظ الأمانة يالوفي
لاعطوك قفل الدار كن وازع وبالأشيا خبير
ومن ضحك لك بالضروس وظهر لك الوجة الطري
لا توثق إلا بعد ما تشرف على ما في الضمير
حيوا الرجال لي ما يخلي الناس تدري له بشي
ومن قال له كم رأس مالك قال له المبلغ كبير
الصبر مغنم والقناعة كنز قال المحرزي
والخير كله في القناعة والطمع كله خطير
السير يبغى شحم وين الشحم يا بن الهاشمي
خذها مقالة لا دهنت السير بكرة بايسير
ويقول:
سلام عاحافه إذا حبتك قالت لك تمن
وإذا نوت زقلت بك وقالت من تكون
الشهر عاده ما ثبت والقرص عاده ماكمل
ما بانسمي الزقر لمّا قده يدحق عالرجيل