أكد مشاركون في المؤتمر الإقليمي حول حماية اللاجئين والهجرة الدولية في خليج عدن انه بدون معالجة الأوضاع في الصومال سوف تستمر عملية الهجرة الجماعية والموت الجماعي جراء النزوح الصومالي المتزايد بسبب الأوضاع في الصومال الشقيق وبالتالي استمرار الموت الجماعي للاجئين غرقاً في البحر .
ودعا مشاركون دوليون في المؤتمر الذي عقد بصنعاء يومي 19 و20 مايو الجاري بمشاركة واسعة من الدول الافريقية ودول مجلس التعاون وممثلين عن المنظمات الدولية والدول المانحة الى ضرورة تنظيم عملية الهجرة وتتولى الدول إبعاد الناس عن الخطر وإنقاذ أرواحهم في هجرة طوعية بدلاً من ترك المسألة للفرد الذي يدفع حياته غالباً ثمناً لما يضنه إنقاذ لها بسبب الاجراءات الوحشية التي يتخذها تجار الموت ممن يمتهنون في تهريب البشر عبر البر والبحر .
إذ يرى مسؤول الحماية بالمفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين سامر حدادين أن ظاهرة النزوح الجماعي التي تزيد يوماً عن يوم من الصومال الى اليمن ستظل في تصاعد مستمر مالم يتدخل المجتمع الدولي لحل المشكلة التي يرتفع معها عدد الموتى الذين يذهبون ضحية أعمال تجار الموت المختصين بتهريب البشر الذين غالباً ما يلقونهم في البحر حينما يواجهون صعوبة في الوصول الى الاهداف المراد تهريب البشر اليها ولايستقبلهم سوى الموت نظراً لعدم تمكنهم من محاولة انقاذ انفسهم ، نظراً لقيام المهربين بربط أيادي من يهربونهم حتى لايتمكنوا من الحركة حال قرر مهربو البشر رميهم في البحر لسبب أو لآخر.
وطالب المشاركون ممن يمثلون الدول المعنية في القرن الافريقي واليمن ودول الخليج ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين ضرورة التعامل بصيغة فعالة ومحايدة مع الاسباب الحقيقية التي تجبر الناس على مغادرة الديار وأزدياد الهجرة الجماعية وبخاصة من دول القرن الافريقي الى اليمن وفي مقدمتها الصومال والتي قالوا ان غالباً ما يكون سببها الفقر والأوضاع غير المستقرة في البلدان المهجورة.. مشددين على ضرورة تكاتف الجهود الدولية لبذل المزيد من الجهود التي من شأنها أنقاذ اللاجئين وحمايتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم في بلد المهجر وعدم تحميل الدولة التي يصلون اليها اعباء هذه الهجرات .
وتعتبر اليمن محطة منتظمة ومرسى للقوارب القادمة من القرن الافريقي كما يعتبرها غالبية الناس على أنها وجهة مؤقتة في الطريق للحصول على فرص العمل في دول الخليج التي تتمتع بوضع إقتصادي أفضل.. وقد حافظت اليمن على الدوام على إنتهاج سياسة الباب المفتوح بالنسبة للاجئين وخاصة اللاجئين من الصومال الذين تستضيف اليمن أعداداً كبيرة منهم .
ونتيجة لتزايد أعداد المهاجرين الذين يصلون بصحبة اللاجئين فقد بدأت دول الجوار تمارس ضغوطاً على اليمن لفرض حراسة مشددة على الحدود الأمر الذي يعرض المنحى التقليدي الذي يتسم به الكرم اليمني تجاه اللاجئين والوافدين الآخرين لبعض المخاطر ، وبالنظر الى الموارد الكثيرة التي
تتطلبها اليمن لمواجهة التحدي الناتج عن تزايد الوافدين فقد طالبت اليمن غير مرة ولاتزال بتوفير مزيد من الدعم والمساعدة من المجتمع الدولي لمواجهة المشكلة والحد من تفاقم مخاطرها على اليمن ودول الجوار وبعض الدول الغربية التي يقصدها المهاجرون الأفارقة ممن يتخذون اليمن نقطة عبور اليها .
وقد ضمت وكالات دولية من ضمنها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين صوتها الى صوت اليمن في الدعوة إلى توفير مزيد من الاهتمام الدولي وتوفير مصادر الدعم لمساعدة اللاجئون الذين يعبرون خليج عدن ، وكذا وضع استراتيجية ملائمة للتخفيف من معاناتهم الأمر الذي من شأنه الاسهام في خفض الحوادث المأساوية التي يتعرض لها هؤلاء الناس جراء الرحلات التي يقومون بها للنفاذ بجلودهم والمحفوفة بالكثير من المخاطر التي تصل في أحياناً كثيرة حد الموت .
وأتفقت الوكالات الدولية العامة في الصومال العام الماضي 2007 على تشكيل فريق عمل حول الهجرة المختلطة تشارك في الاشراف عليه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية ، بحيث يتعين على هذا الفريق إعداد استراتيجية تتضمن الجوانب الأساسية للحركة المختلطة إبتداء من الصومال والدول التي تواجه هذه التحديات والوكالات الدولية ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة هذه الحركة وتوفير الاستجابة لمواجهتها .
وقد بدأ أعضاء الوكالات المكون منها هذا الفريق باتخاذ إجراءات مكثفة منها على سبيل المثال تنفيذ حملات إعلامية بغية رفع مستوى الوعي بالمخاطر جراء العبور وكذا توفير المساعدات والحماية للمهاجرين واللاجئين بما في ذلك توفير المساعدة للراغبين في العودة طوعياً الى مناطقهم .
وهدف المؤتمر الاقليمي الاخير بصنعاء حصر التحديات الناشئة عن الهجرة المختلطة في البلدان الرئيسية التي تشكل نقاط المغادرة والعبور والوصول في المنطقة ، بغية الخروج برؤية موحدة حول ايجاد استراتيجية للحماية ذات منهجية شاملة لمعالجة المكونات الهامة لمجاميع اللاجئين الخاصة بحركة العبور عبر خليج عدن.. الى جانب الخروج برؤية حول معالجة التهريب بشكل صارم من جهة وزيادة توفير وسائل الحماية للاجئين في دول العبور واللجوء من جهة أخرى .
وتواجه اليمن وضعاً استثنائياً منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي بسبب التنامي المضطرد لأعداد الوافدين من طالبي اللجوء حتى غدت اليوم وفقاً لبعض التقديرات من أكثر الدول استقبالا للاجئين ومع ذلك فقد دأبت باستمرار على انتهاج سياسة متسامحة إزاء الوافدين من ملتمسي اللجوء وبالذات مع الصوماليين بحكم الروابط الوثيقة بين الشعبين الشقيقين بالإضافة الى استيعاب حقيقة الوضع الأمني المتدهور في الصومال .
وتشير تقارير رسمية الى ان أعداد اللاجئين في اليمن يزيد عن /500/ ألف لاجئ ينتشرون في مختلف محافظات الجمهورية فيما لا تتجاوز أعداد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية /150/ ألف لاجئ .
ولايهتم سماسرة تجارة الموت وتهريب البشر والمخدرات من مالكي السفن الخشبية المتهالكة التي تنطلق من الموانئ الصومالية بجنسية من يدفع النقود للانطلاق به صوب السواحل اليمنية كما لا يعنيهم حياة الكثيرين ممن لقوا حتفهم في عرض البحر غرقاً إما بسبب إجبارهم على النزول في مناطق عميقة أو بسبب جنوح هذه السفن التي تحمل ما يفوق طاقتها كما ان دول الجوار والدول المهتمة بأمن المنطقة لم تول خطر هذا الاتجار على أمن واستقرار المنطقة ما يستحقه من الاهتمام مما زاد الوضع سوءا .
ويؤكد سياسيون وخبراء ان اليمن لن تستطيع بمفردها مواجهة هذه القضية ما لم تكن هناك مساعدات كافية وفاعلة من الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الدول المانحة ، فضلاً عن تطبيق الدول القانون الجزائي على المتاجرين بالبشر وتهريبهم وذلك من خلال تطبيق بروتوكول الأمم المتحدة لمناهضة تهريب المهاجرين برا أو بحرا أو جوا المقر في عام 2000م وبروتوكول الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص .