انعكاسات الأزمة المالية العالمية على اليمن
الثلاثاء 21/10/2008- صنعاء/موقع محافظة حضرموت/سبأنت

في الوقت الذي عرفت فيه الأسواق المالية العالمية تسونامي حقيقي بعد عولمة أزمة القروض العقارية الأمريكية لتشمل كافة المنتجات المالية و تنتقل الهزات الارتدادية إلى مجموع المؤسسات المالية العالمية الكبرى في العالم و تشهد معظم البورصات العالمية أرقاما قياسية في مستويات انخفاض مؤشراتها، سارعت الحكومات في العديد من الدول لاتخاذ إجراءات احترازية لتفادي هذه الأزمة أو لتقليل منها خاصة في ظل الترابط الاقتصادي المعولم الذي يمتاز بحرية تنقل رؤوس الأموال و إزالة كافة "الحواجز" بفضل الجهود الجبارة للبنك الدولي وصندوق النقد واتفاقيات التجاره العالمية .


واليمن كغيرها من الدول النامية التي ترتبط بالنظام المصرفي العالمي بشكل محدود لذلك تأثيرات الأزمة العالمية ستكون بلا شك محدودة إلى أن اعتماد اليمن على النفط كمصدر رئيسي لصادراتها وارتباط عملتها بالدولار يوضع الحكومة اليمنية أمام اختبار لمواجهة هذه الأزمة .

تأثير محدود للازمة على اليمن
أكد مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاد اليوم الثلاثاء أن تأثيرات الأزمة المالية على اليمن محدودة نظرا لأن القطاع المصرفي اليمني لا يرتبط بعلاقات مصرفية كبيرة مع النظام المالي الأمريكي والأوروبي .
وأوضحوا إن غياب سوق الأوراق المالية في اليمن شكل ضمانة إضافية لعدم وجود المتاجرة بالأوراق المالية بين المصارف اليمنية ونظيراتها الأوروبية والأمريكية .
ونقل موقع "سبتمبرنت" عن هؤلاء الخبراء والمسؤولين الحكوميين القول :" إن الأزمة لمالية ستجعل اليمن المكان المناسب للاستثمارات الخليجية التي تكبدت خسائر مالية كبيرة جراء أزمة الرهن العقاري" .. مشددين على ضرورة استثمار جزء من الاحتياطي النقدي في الداخل لجذب الاستثمارات الأجنبية وتشجيعها .

تقرير مطمأن للبنك المركزي
وكشف تقرير صادر عن البنك المركزي اليمني عرضه اليوم محافظ البنك في اجتماع مجلس الوزراء عن الآثار المحتملة للازمة المالية العالمية على القطاع المصرفي اليمني وعلى الاستثمارات الخارجية للبنك المركزي.
و تناول التقرير وضع احتياطيات البنك المركزي وعملية إدارتها الآمنة والتي ساهمت بعدم تأثرها بالأزمة العالمية .. مؤكداً انه يتم استثمار تلك الاحتياطيات في بنوك ذات تصنيف عال وان عامل الأمان يمثل أولوية قصوى في سياسة الاستثمار .. موضحاً أن الإصلاحات التي قام بها البنك المركزي خلال الفترة الماضية ضمن برنامج الإصلاح المالي ولاسيما ما يتعلق بإجراءات الرقابة الاحترازية كان لها دور هام وكبير في حماية النظام المصرفي من تداعيات الأزمة الراهنة .
و أشاد المجلس بتقرير البنك المركزي وما تضمنه من إيضاحات تبعث على الطمأنينة .. مؤكداً على عقد اجتماعات شهرية للمجلس الاقتصادي الأعلى للوقوف أمام مؤشرات الأزمة المالية العالمية و تداعياتها ومتابعة الإجراءات التي تتخذها الدول الصناعية للحد منها واتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة لحماية الاقتصاد الوطني من أي تأثيرات محتملة أولا بأول .
وأكد رئيس جمعية البنوك اليمنية أحمد محمد الخاوي أن البنوك والقطاع المصرفي اليمني في أمان تام مما يجري في العالم من أزمة مالية واقتصادية طاحنة .
وقال الخاوي في لقاء خاص مع صحيفة الثورة " أن جهازنا المصرفي متواضع وليس لديه أي استثمارات في البنوك العالمية أو صناديق الاستثمار الدولية أو القطاعات العقارية".
وأضاف : إن مالدى البنوك المحلية من أرصدة وودائع بالنقد الأجنبي لدى بعض المصاريف العالمية موزعة بحسب توجيهات البنك المركزي المستمرة خلال العامين الماضيين بصورة تضمن سلامتها .
ولفت رئيس جمعية البنوك الى أن الجمعية تقوم بدور فاعل لتعزيز مركز البنوك ووضعيتها وتنظيم أنشطتها في كافة المجالات.
وقيّم الخاوي الأزمة المالية العالمية بأنها ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت منذ عامين عندما كانت عدداً من الشركات الكبيرة قد أعلنت عن إفلاسها وان مؤشراتها اتضحت انذاك لما يعاني منه الاقتصاد الأمريكي بالدرجة الأولى وانصراف القيادة السياسية وانشغالها بالحروب في أفغانستان والعراق مما أدى الى استفحال الأزمة عند انهيار قروض الرهن العقاري وامتداد الأزمة لبقية التمويل المصرفي الذي تأثر به كل القطاع المصرفي الأميركي والقطاع المصرفي الأوروبي .
وقام البنك المركزي بضخ ما يزيد عن 258 مليون دولار في السوق، لتفادي الاثار السلبية للازمة المالية .

وزارة المالية :تأثيرات الأزمة محدودة
من جانبها أوضحت وزارة المالية على لسان وكيل الوزارة الدكتور عبدالله المخلافى ان اليمن لم تتأثر كثيرا بالأزمة المالية التي تعصف بالعالم حاليا نظرا لمحدودية الاستثمارات الأمريكية في اليمن وعدم وجود سوق للأوراق المالية الأمر الذي سيجعل الآثار السلبية على الاقتصاد اليمنى محدودة جدا.
وأشار المخلافى فى تصريحات لصحيفة /26 سبتمبر/ الرسمية إلى ان تراجع أسعار النفط فى السوق العالمي وانخفاض أسعار الدولار قد يصيب الاقتصاد اليمنى بضرر كبير كون النفط يشكل أكثر من 90 بالمائة من صادرات البلاد داعيا الجهات المختصة إلى سرعة إعداد دراسات لمعرفة تداعيات الأزمة المالية الحالية على الاقتصاد اليمنى خلال الفترة القادمة وإيجاد المعالجات التي تخفف من وقع هذه الأزمة.

توقعات :اليمن ستخسر 1.5 مليار دولار بسبب الازمة
قال المدير العام لاتحاد الغرف التجارية والصناعية محمد الميتمي في وقيت سابق أن انهيار أسعار النفط بمقدار النصف، «سيؤثر حتماً وفي شكل مباشر في عائدات اليمن من النقد الأجنبي الممول الرئيس للمشاريع الاستثمارية العامة للدولة، وفي قدرة الدولة على تمويل نشاطاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وممارسة سياسة نقدية ضابطة تمنع تدهور العملة الوطنية».
وتوقع أن «يتواصل الانهيار لتصل الأسعار إلى نحو 50 دولاراً للبرميل في الأسابيع المقبلة، ما يعني انخفاض عائدات اليمن من صادرات النفط أكثر من النصف». ولفت إلى أن خسائره لمباشرة «ستكون في حدود 1.5 بليون دولار».
وأشار في ندوة نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل منارات، حول الأزمة المالية العالمية وتداعياتها، وانعكاساتها على اقتصاد اليمن، إلى أن البنك المركزي والمصارف التجارية «تودع جزءاً من احتياط النقد الأجنبي في المصارف الأمريكية والأوروبية بفائدة محددة، وأوقعت الأزمة المالية خسائر فادحة في الجهاز المصرفي العالمي،كما انخفضت أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية، وبالتالي، فإن عائدات هذه الودائع والحافظة الاستثمارية ستتأثر سلباً بانهيار سوق الأسهم والسندات وبانخفاض أسعار الفائدة،وستتأثر أيضاً حركة الرساميل الدولية في قنوات الاقتصاد العالمي، وكان يُستثمر جزء منها في اقتصاديات الدول النامية».
وحذر رجال مال وأعمال وخبراء اقتصاد وأكاديميون في اليمن، من استمرار «هبوط الريال اليمني أمام الدولار بسبب تأثيرات الأزمة المالية التي تضرب في أوروبا وأمريكا».
وانتقد الخبير الاقتصادي محمد ألسعيدي السياسة التي يتبعها البنك المركزي اليمني في أذون الخزانة مع المصارف اليمنية الأخرى،واقترح أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء داوود عثمان ثلاث نقاط رئيسة، يمكن من خلالها تلافي التأثير المباشر للأزمة في اليمن تتمثل بـ «إعادة النظر في السياسة النقدية بما يؤدي إلى خفض سعر الفائدة، والحفاظ على مستوى تضخم منخفض، وتعميق السياسات الاقتصادية الإصلاحية».
وفي الإطار ذاته، أكد المدير التنفيذي للبنك الدولي خوان دابوب خلال مباحثات مع وفد يمني في واشنطن، جدية مساعي البنك الدولي في دعم اليمن مادياً لمجابهة أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لافتاً إلى أن الأزمة المالية العالمية «لن تؤثر في عمليات البنك الدولي في اليمن ونشاطاته».