كشف وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر عبدالله القربي، عن تحضيرات حثيثة تجرى حالياً لاجتماعات اللجنة الإماراتية - اليمنية المشتركة خلال الشهرين المقبلين، مبدياً أمله في أن تعزز قمة دول مجلس التعاون الخليجي في مسقط اندماج بلاده خليجياً.
وقال القربي في حوار مع "البيان" إن حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم مستعد لتقديم المزيد من التنازلات في سبيل إقناع أحزاب اللقاء المشترك المعارض بالمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، وأن باب الحوار سيظل مفتوحاً حتى ليلة الانتخابات.
** تالياً نص الحوار:
في البداية، أشاد القربي بالدعم التنموي الذي تقدمه الإمارات لليمن سواء بشكل مباشر أو من خلال المانحين حيث قدمت الإمارات دعماً كبيراً لليمن خلال مؤتمر لندن للمانحين عام 2006 قدره 500 مليون دولار، وأخيراً المنحة الكريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة والمتمثلة بالمعونة الغذائية والبالغة نصف مليون طن من القمح.
ورداً على سؤال عن موقف اللجنة الإماراتية اليمنية المشتركة قال القربي "في لقائي مع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على هامش منتدى المستقبل في أبوظبي اتفقنا على أن تنعقد اللجنة خلال الشهرين القادمين إن شاء الله، وهناك مجموعة من الاتفاقيات الخاصة بتعزيز الشراكة بين البلدين نأمل أن يتم التوقيع عليها خلال انعقاد اللجنة المشتركة".
وأوضح أن الاتفاقيات التي "نأمل أن يتم توقيعها تتركز في مجال الثقافة والتبادل التجاري والاستثمارات والتنسيق بين وزارتي الخارجية بالإضافة إلى التعاون الأمني". وحول العلاقات اليمنية الخليجية وما تأمله اليمن من قمة مسقط، قال القربي "نحن في الحقيقة نتبارك بانعقاد القمم في سلطنة عمان لأن مسقط كانت هي فاتحة الخير لعلاقات اليمن مع مجلس التعاون، ففي قمة مسقط عام 2001 اتخذ القرار الشهير بضم اليمن إلى عضوية بعض الهيئات الوزارية والمنظمات التابعة لمجلس التعاون، ونحن نأمل أن القمة القادمة ستمثل خطوة لتعزيز المزيد من الاندماج والشراكة بين اليمن ودول مجلس التعاون".
** غياب الدولة الصومالية وراء القرصنة
وفي ما يخص الأوضاع الأمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، حيث يتفاقم في الآونة الأخيرة نشاط القراصنة، اعتبر القربي أن ازدياد أعمال القرصنة، هي نتيجة طبيعية للأوضاع في الصومال. حيث تغيب الدولة القادرة على السيطرة على أمن وحماية شواطئها. وتابع "نحن الآن نرى العديد من الدول تعلن أنها سترسل العديد من البوارج الحربية لحماية الطرق الدولية البحرية في المنطقة، لكن هذا ليس العلاج الحقيقي. المعالجة الحقيقية هي تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الصومال، ودعم جهود استقرار الصومال امنياً من خلال إرسال قوات دولية تمكن الحكومة من تثبيت سلطتها".
ورداً على الحديث عن وجود مخطط للسيطرة على خليج عدن من قبل قوى أجنبية، قال القربي "هناك قوانين بحار تنظم علاقات الدول وتنظم أيضا ما هي المياه الإقليمية وما هي المياه الاقتصادية وبالتالي لا يمكن لأي دولة أن تدخل المياه الإقليمية اليمنية من دون موافقة اليمن. وهناك للأسف الشديد من لم يقرأ بوضوح قرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بقضية القرصنة الناجمة عن الأوضاع في الصومال.. مجلس الأمن دعا كل دول العالم وليس دول بعينها، أن تسهم بوضع حد للقرصنة وحتى وهي تقوم بذلك العمل يجب أن تلتزم بالقانون الدولي. فليس هناك أي شيء من هذا القبيل وكل ما يقال هو لغط كما أسميته".
** الإرهاب
واعتبر القربي أن الحديث عن تزايد نشاط "القاعدة" في اليمن لا يعني وجود تهاون أمني وقال "اليمن لا تهادن الإرهاب إطلاقاً، لأن الإرهاب يمثل أضراراً بمصالح وباستقرار وبتنمية اليمن ومعيشة المواطن اليمني، ولهذا أعلنت اليمن أنها جزء من الجهد الدولي لمكافحة الإرهاب وفي إطار قرارات الشرعية الدولية التي اتخذت في مجلس الأمن".
وزاد بقوله "إن اليمن كانت من أوائل الدول التي أدركت أن موجة الإرهاب ليست قضية مرتبطة بالحلول الأمنية أو العسكرية وحدها وإنما يجب أن نفهم المسببات لهذه الظاهرة وان نرى كيف يمكن أن ننقذ الشباب الذين غرر بهم، ولهذا بدأنا قضية الحوار وإعادة التأهيل، ووزير الأوقاف حالياً الشيخ حمود الهتار والذي قاد هذه الحوارات زار العديد من الدول والمنتديات لكي يعرض عليهم التجربة اليمنية في الحوار مع هؤلاء".
ورفض القربي اعتبار ظهور أهم المطلوبين للولايات المتحدة جمال البنا في قاعة المحكمة حراً طليقاً دليلاً على مهادنة الإرهاب، وأوضح انه ظهر حراً طليقاً في قاعة المحكمة بعد أن فر من السجن، وعند ظهوره في المحكمة. طلب المدعي العام إلقاء القبض عليه وإعادته إلى السجن لكن قاضي المحكمة رفض طلب المدعي العام. واستمرت الحكومة في المطالبة باعتقاله وحصلت على حكم من المحكمة بموجبه تم اعتقاله وإيداعه في السجن.
** خلافات الانتخابات
ومن ساحة الإرهاب إلى المشهد السياسي الانتخابي وما يتخلله من شد وجذب بين الحكومة والمعارضة قال القربي "منذ قيام الوحدة اليمنية إلى الآن ندخل في عمليات الشد والجذب والمعارضة تريد حاليا أن تضمن انتخابات نزيهة، واستمر الحوار بين حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) وأحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) لأكثر من عامين".
ولفت القربي إلى أن "هناك مشكلتين في هذا الحوار: الأولى انه كلما يقدم المؤتمر الشعبي العام تنازلاً لأحزاب المعارضة يرتفع سقف المطالب لهذه الأحزاب. وهذا يجعل البعض ينظر إلى هذه العملية وكأنها ابتزاز.. وأنا شخصياً لا انظر إليها على أنها ابتزاز، اعتقد انها جزء من العمل السياسي المشروع حيث كل قوة سياسية تحاول أن تحصل على أقصى ما يمكن أن تحصل عليه من مكاسب ابتزاز".
وبرأيه أن "النقطة الثانية أن أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء أحزاب اللقاء المشترك للأسف الشديد لأنها مكونة من خمسة أحزاب القاسم المشترك الوحيد بينها هو محاولة إسقاط حزب المؤتمر الشعبي العام في الانتخابات القادمة وأنا لا أعتقد أن تحالفاً يبنى على هذا الأساس يمكن أن يحقق نتائج، لأنهم لا يتفقون على القضايا الجوهرية في إطار برامجهم السياسية، والثقافية والتنموية الخ، كل واحد له رؤيته الخاصة، لكن أنا اعتقد انه رغم هذه الإشكالية من المفيد جدا أن يكون هناك تجمع لأحزاب تحاول أن تفرض على الحزب الحاكم قضايا لمصلحة البلد وهي الإصلاحات الانتخابية".
ويدلل القربي على صحة رأيه بقوله "لهذا السبب عندما طالت العملية حتى بعد أن اتفق على التعديلات الانتخابية وحتى بعدما اتفق على منحهم رئاسة اللجنة العليا للانتخابات واتفق على عضويتهم بهذه اللجنة فوجئنا في آخر لحظة انهم اختلفوا فيما بينهم على من يرأس اللجنة. ولهذا اتخذ القرار بتشكيل اللجنة وبتجميد التعديلات الانتخابية، ونحن نعمل على أن تواصل العجلة السير نحو الانتخابات في موعدها".
ورفض القربي اعتبار أن الحوار بين المؤتمر والمعارضة قد وصل طريقا مسدودا بل قال "لا.. إطلاقا. المؤتمر الشعبي العام لم يغلق الباب أمام الحوار. وإلى ليلة الانتخابات نحن على استعداد لنتحاور، لكن نريد أن تكون هناك رؤية لدى أحزاب اللقاء المشترك حول ماذا يريدون. والمؤتمر سيقدم أيضا المزيد من التنازلات لأنه من مصلحتنا نحن في حزب المؤتمر أن تكون هناك معارضة قوية ومن مصلحتنا أن يكون تحالف اللقاء المشترك مجموعة من الأحزاب التي يمكن أن تسهم معنا في إصلاح وتطوير العملية الديمقراطية".
ولم يستبعد القربي صدور مبادرة رئاسية في اللحظة الأخيرة للم شمل المعارضة والمؤتمر وقال "أنا متأكد أن الرئيس حريص على مشاركة أحزاب اللقاء المشترك وبقية الأحزاب وانه مستمر في الجهود مع معهم ولا استبعد أي شيء".
** دبلوماسية فاعلة
وحول تقييمه لأداء الدبلوماسية اليمنية في سياق مناقشة مجلس الشورى لها قال القربي "مجلس الشورى في الواقع قد ناقش العديد من القضايا السياسية وقضايا السياسة الخارجية اليمنية تحديدا مثل قضية تجمع صنعاء والأوضاع في الصومال، وأنا اعتبر أن هذه المناقشات التي تدور في مجلس الشورى مفيدة لأن المجلس فيه مجموعة من حكماء اليمن: وزراء خارجية سابقين، وزراء، سفراء".
وتابع "وأنا في قمة المؤسسة الدبلوماسية سيكون صعبا أن أتحدث عن انجازاتها ولكن رغم ذلك أقول إن هناك في إطار ما نفذته وزارة الخارجية من توجيهات الرئيس أولا في إطار الإصلاحات الداخلية حققنا تقدما على كثير من الوزارات في الأساليب التي تختار فيها كوادرها".
أيضا نحاول أن نخلق ترابطا أكثر بين السفارات ووزارة الخارجية.على المستوى الخارجي اعتقد أن نجاح الدبلوماسية وراء ما نشهده من تقدم مع دول مجلس التعاون، ودور اليمن الفاعل والمؤثر مع الكثير من المنظمات الدولية، وان صوت اليمن أصبح صوتا يريد الآخرون أن يسمعوه لأنهم يجدون في المواقف اليمنية الكثير من الاعتدال والحرص على الأمن والاستقرار الدوليين. وتحقيق العدالة".
وبنبرة غضب رفض القربى القول إن هناك تباينا بين نجاح اليمن في مبادراته الخارجية مقابل غياب تلك داخليا وقال "هذا قصر نظر لدى من يطرحون هذا الكلام... أولا كل من يقول انه لا توجد مبادرات داخلية بل كل من يتحدث عن هذا الأمر هو يحصره في قضيته الشخصية.. وهذه طبيعة اليمنيين. عندما تسأل أي يمني عن أي وزارة سيحكم على هذه الوزارة من منطلق تجربته الشخصية. للأسف هذه العقلية هي التي تضر بسمعة اليمن".
** الأزمة المالية العالمية
حول المخاوف من تأثير الأزمة المالية العالمية على اليمن قال القربى "اعتقد أن كل دول العالم ستتأثر من الأزمة هناك دول نتيجة وضعها الاقتصادي واحتياطياتها المتراكمة قد لا يظهر هذا التأثير كما في غيرها من الدول، لكن تقرير البنك الدولي أعلن هناك مليون شخص سيتعرضون لسوء تغذية بسبب الأزمة وبسبب ارتفاع الأسعار وغيره وسينضمون إلى قائمة الفقراء، وهؤلاء الفقراء هم في الدول النامية والفقيرة واليمن إحدى هذه الدول".
وتابع "عندما تحدثت في "منتدى المستقبل" في أبو ظبي حول هذا الموضوع أكدت على أن الدول الغنية عندما تتحدث عن المعالجات لهذه الأزمة وترصد المليارات لإنقاذ البنوك والمؤسسات الاقتصادية التي كانت السبب في هذه الأزمة لم تأخذ في الاعتبار وضع هذه الدول الفقيرة وإذا كانت هذه الضجة وهذه المليارات سترصد لمعالجة البنوك التي تسببت في الأزمة فالأولى أيضا أن ترصد مثل هذه الأموال لمعالجة ضحايا هذه الكارثة في العالم الثالث". وفي رأيه أن القضية تتطلب التحرك من مجموعة الـ77 في إطار الأمم المتحدة لكي تشكل ضغطاً على الدول الغنية.