الجنيد: السيول الأخيرة لا سابق لها والتحذيرات المسبقة خفضت الضحايا
الثلاثاء 4/11/2008- سيئون/موقع محافظة حضرموت/سبانت : حاوره أحمد الأغبري

أضرار جسيمة وخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات نجمت عن كارثة سيول الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة مؤخرا وخصوصا في مديريات وادي وصحراء حضرموت.


وفي هذا الحوار يتحدث وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء أحمد جنيد الجنيد عن المراحل التي مرت بها كارثة فيضانات السيول منذ الإشعار بوقوعها مرورا بكيفية تعاطي المواطنين والسلطة المحلية مع الكارثة وجها لوجه منذ حدوثها وحتى الوقت الراهن وخاصة في مناطق الوادي والصحراء التي نالها من آثار الكارثة النصيب الأكبر من الضرر والخسائر في الأرواح والبني التحتية.

نص الحوار:
*حبذا لو تطلعونا على محطات ما تحقق في إطار جهود تجاوز آثار كارثة فيضانات
السيول التي تعرض لها الوادي مؤخرا ؟
- أولا عندما تم إبلاغنا بان هناك منخفض جوي يتعرض له وادي حضرموت بدأت السلطة المحلية بالتنسيق مع المجالس المحلية لتنبيه المواطنين.. انه وعلى ضوء اتصالات تلقيناها من الأخوة في بعض المناطق وفي منطقة ساه بالذات ان حجم السيل كان كبيرا فتم إشعار الناس عبر مكبرات الصوت وبعضها في المساجد بضرورة اخذ الحيطة والحذر مسبقا وهذا كان جهد طيب يعطي مؤشر عن حجم الكارثة ونسبة الوفيات وكانت ليست كبيرة مقارنة بحجم الدمار الهائل.

تحذيرات مسبقة خفضت الضحايا
* افهم أن إشعاركم المواطنين مسبقا بحجم السيل قد اثر ايجابيا ؟
- نعم اثر ايجابيا.. حيث بلغت نسبة الذين استشهدوا في هذه الكارثة على مستوى وادي حضرموت 46 شخصا وعلى مستوى المحافظة 68 شخصا بالإضافة إلى 21 مفقودا حتى اليوم ( أمس الاثنين) في بعض المديريات وكانت اغلب الوفيات في مديرية ساه لأنها تقع مباشرة تحت المنحدرات الجبلية التي تدفقت منها سيول هذه الأمطار.
كان حجم كارثة السيول كبير جدا وجاءت نتائج الكارثة اقرب الى نتائج طوفان منها إلى نتائج سيول أمطار , و عندما أشعرنا الناس بالكارثة تفاعلوا رغم أنهم لم يتوقعوا أن تكون أضرار الكارثة بهذا الحجم .
سيول لا سابق لها
*افهم أن الناس لم يتوقعوا هذه الكارثة ؟
- لا لم يتوقعوا هذا . . فهذه السيول لم يتوقعها المواطن .. ولم نتوقعها حتى نحن حيث فوجئنا عند نزولنا إلى الميدان بحجم الدمار الهائل الذي نجم عنها.

اشجار السيسبان حولت مجرى السيول
*تعددت التفسيرات لأسباب هذه الكارثة, ما العوامل التي ساهمت في ارتفاع حجم الإضرار، من وجهت نظركم ؟
- الأسباب وراء ما حصل تتمثل في تحول السيول عن مجراها الطبيعي التي تأتي منها كل مرة فجاءت الكارثة بنتائج غير متوقعة للمواطنين والأسباب وراء تحول مجاري السيول هي أسباب عديدة وأولها أن منسوب مياه السيول كان مرتفعا جدا، واهم عامل أسهم في تحويل السيول إلى كارثة هو انتشار أشجار السيسبان بكثرة في مجاري السيول وتشابكها وتقاربها ما جعلها تشكل أشبه بحائط سد أعاق تدفق السيول بانسيابية وتسببت في تحويل مجاري السيول نحو اتجاهات أخرى بما فيها اتجاهات توجد فيها مناطق ولهذا حدثت هذه الكارثة والسبب الآخر انه مع مرور السنوات حدث انجراف في سطح التربة كان نتيجتها زيادة عمق الوادي.

زيارة الرئيس حشدت جهود الدولة
* هل وصلتم إلى حصيلة نهائية لحجم الأضرار والخسائر ؟
- حجم الأضرار كبير جدا وللأمانة كان وجود فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية من الوهلة الأولى لمتابعة هذا الحدث واستمراره في متابعة هذا الحدث أولا بأول، أعطى انطباعا كبيرا لدى المواطن وأجهزة الدولة بأهمية أن يكون الجميع على مستوى الحدث والمسؤولية .
أقولها بصراحة : إن زيارة فخامة رئيس الجمهورية والتي جاءت في ظروف غاية في السوء والصعوبة والتعقيد أسهمت في حشد كل الطاقات والجهود لإنقاذ المتضررين وإغاثتهم وإيوائهم , والحمدلله أن متابعته واستنهاضه لكل جهود الدولة حفز كل أجهزة الدولة المركزية على تحمل مسؤوليتها كاملة وهذه المسؤولية الكاملة هي التي دفعت مجلس الوزراء إلى تشكيل لجنة من 22 مختص من وكلاء الوزارات برئاسة نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق أمين أبو راس وصلوا إلى حضرموت منذ مطلع الأسبوع الماضي ومازالوا متواجدين في سيؤون يشرفون عن قرب على جهود الإغاثة والإيواء وتدارس آليات المعالجة لهذه الكارثة .

* كيف تعاملتم مع الكارثة؟ وما المراحل التي مرت بها عملية الانقاذ والإغاثة؟
- ركزنا جهودنا على شيئن اثنين الأول إنقاذ الناس واسهم في هذا الجانب تعاون الجميع وبخاصة القوات المسلحة وكذا المقاولين والشركات الجميع أسهم ولعب دورا اساسيا.
كما بذلت جهود كبيرة في إنقاذ الناس ومن ثم انتقل هذا الجهد من الإنقاذ الى الإيواء واستمرينا في عملية الإيواء حتى الوقت الراهن , وطبعا كان واقع المأساة كبير جدا لدرجة صارت بعده قرى ومدن وادي حضرموت معزولة عن بعضها البعض .
*كم عدد القرى والمدن التي عزلت عن بعضها جراء الكارثة ؟
- معظم القرى .. وقع الجزء الأكبر من هذا الضرر في مديريات ساه وسيئون وتريم وشبام والقطن وحوره ووادي عين والسوم ... الخ هذه المناطق أصبحت بعد الكارثة عبارة عن قطع معزولة عن بعضها ولا تستطيع أن تصل بعض الأحياء داخل المدينة الواحدة .. فاستمرت عملية الإنقاذ وتواصلت .. لنجد في ذلك الخضم حجما كبيرا للدمار فالبنية التحتية دمرت بنسبة 85 بالمئة من مدارس وطرقات واتصالات ومياه وغيرها ... أصبحت جهود السلطة المحلية تتركز على معالجة هذا الوضع والقيام بعملية الإسعاف وايصال الفرق الطبية الى كل منطقة متضررة.
كان الهم الأساسي هو كيف نفتح الطرقات بين المدن حتى نتعرف على حجم المأساة لأنه حتى خروج المروحيات إلى مناطق الكارثة كان صعبا لان بعض المناطق كانت أرضها رخوة لا تساعدها على الهبوط وإنزال المساعدات، ولذلك تم التركيز على سرعة فتح الطرقات الرئيسية بين المدن منها طريق صنعاء - سيئون وطريق سيئون - المكلا وطريق ثمود الغيظة ... وغيرها من الطرق الرئيسية فبذلت الجهود من اجل سرعة فتحها لأنها ظلت مقطوعة بجانب انقطاع الطرق الفرعية بين المدن والمناطق في الوادي, وقد أصبحت جميع الطرق الآن مفتوحة بفضل الجهود التي بذلتها فرق وزارة الأشغال وتعاون الكثير معها .

وهنا أوجه الشكر لكل المقاولين ولكل الشركات العاملة في مجال النفط إذ أسهمت مع المجتمع إلى دعم كبير كان له الفضل في تجاوز كثير من المعوقات فالشركات سخرت كل معداتها والياتها من اجل هذه الأعمال لفتح الطرقات والشكر الجزيل لكل الشركات والمقاولين الذين بذلوا جهودا ممتازة واخص بالذكر قائد حرس الشركات احمد الضراب الذي كان له دور ممتاز وبخاصة في مديرية ساه, وعدد من الشركات ما تزال تعمل معداتها معنا في الميدان حتى الآن .

فتح الطرق سهل عمليات الإغاثة والإيواء
طبعا ..عندما تمكنا من إعادة فتح الطرق تسهلت لفرق الإنقاذ والإغاثة عملية إيصال مواد الإغاثة والإيواء للمتضررين و بدأت عملية تقدير وحصر حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بهذه المناطق وخاصة بعد ان قطعنا شوطا كبيرا في عملية الإيواء حيث تم توزيع مجموعة كبيرة من الخيام للمناطق المتضررة رغم وجود نقص في عدد الخيام إلا إننا استطعنا تلافي ذلك، أما الغذاء فالحالة الغذائية صارت مؤمنة بشكل ممتاز .
لقد كان للجهد الرسمي دورا كبيرا في تقديم هذه المساعدات التي نعمل على إيصالها إلى كل المناطق بما فيها المناطق البعيدة عبر الطائرات العمودية ومن ثم صرنا نعتمد على الشاحنات والآن بعض الجمعيات صارت تسير مساعدات للمتضررين و بشكل ممتاز منها جمعية الرأفة والجمعية الإسلامية فضلا عن الجهود الشعبية
التي بدأت تسير قوافل الإغاثة من عموم محافظات الجمهورية ووصلنا الآن إلى عملية الاستقرار في التموين الغذائي للمنكوبين.
*ما حجم الأضرار التي قمتم بحصرها حتى الآن؟
- بدأنا عمليات الحصر للأضرار, ووصل عدد البيوت المهدمة والمتضررة في المحافظة جراء الكارثة بحسب الإحصائيات الأولية إلى 2375 بيتا مابين تهدم كلي وجزئي ، إلى جانب تضرر 645 مزرعة.

* ما أهم مشكلة تواجهونها في الوقت الراهن؟ وما الإجراءات المتخذة لتلافي حدوث انعكاسات بيئية للكارثة؟
- أهم مشكلة نواجهها الآن هي نفوق الأغنام تحت أنقاض المنازل المهدمة ونفوق حيوانات عديدة ومنها الجمال والمواشي بالقرب من المناطق السكنية ما تسبب بانبعاث روائح كريهة, ونسعى لسرعة إزالة مخلفات الحيوانات النافقة وتنفيذ عمليات رش لمناطق المياه الراكدة تلافيا لظهور أمراض وبائية كحالات الملاريا وتسمم الاطفال وغيرها.
- كيف تنظرون إلى تدفق المساعدات والتبرعات سواء عبر الدعم الشعبي من المحافظات أو الواصلة من الدول الشقيقة والصديقة؟
- كان هناك تعاونا من المحافظات وتعاون من الأشقاء والأصدقاء, حيث وصلت القوافل من المحافظات ومن الدول الشقيقة والصديقة، ومن الوهلة الأولى للكارثة بدأت تتدفق المساعدات, وكان لهذه المساعدات دور ممتاز في دعم جهود مواجهة اثار الكارثة انسانيا وبخاصة فيما يتعلق بالمستشفى المتنقل الخاص بالحرس الجمهوري والمستشفى الذي جاء به الأشقاء الأمارتيين بكل الإمكانات الطبية ... كل هذا كان له دوره المتميز ...فقد كانت وما تزال القوافل تصل مباشرة من المحافظات وتوزع مباشرة على المواطنين المنكوبين . نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق امين ابو راس يشرف على العمليات بشكل دقيق فهو يمضى وقتا طويلا يوميا في الإشراف الميداني ويبذل مع السلطة المحلية ومحافظ حضرموت جهود كبيرة في الإشراف اليومي المباشر على مختلف المراحل والمهام في عملية الإغاثة بما يضمن سلامة ودقة كل الإجراءات المتبعة سواء في استلام المساعدات او في توزيعها .
تشابك كل الجهود المحلية والشعبية والرسمية وغيرها كان لها الدور الكبير واستطاعت ان تسيطر على عملية الإغاثة والان ننتقل الى عملية الحصر والتقييم فيما بدأنا في عملية مساعدة المواطنين من خلال توفير المعدات التي تساعده في نبش أنقاض المنازل المهدمة ليبحث عن مقتنياته بنفسه حفاظا عليها من أي عبث.