موانئ خليج عدن : اصلاح الحوض الجائف للميناء يقلب الموازين ويعدل مؤشر الكفة
الخميس 29/1/2009- عدن/موقع محافظة حضرموت/سبأنت
شكلت مضامين القرارات الجمهورية الصادرة في وقت سابق من العام الماضي الخاصة بشأن توسعات الموانئ الثلاثة في: خليج عدن، البحر الأحمر، والبحر العربي، نقطة تحول مهمة في تاريخ حاضر ومستقبل الموانئ اليمنية. وليس أدل ذلك مما تحقق من ازدهار في معدلات الحركة الملاحية والتجارية التي سجلتها أجهزة ومواقع الرصد والمراقبة الملاحية في الموانئ.

وإذا ما استعرضنا أهم ما تحقق خلال الفترة من أبريل 2007 حتى عام 2008 ونحن بصدد الذكرى السنوية الأولى لإنشاء مؤسسة موانئ خليج عدن، سنجد أن ما تحقق من معدلات النمو والزيادة في مستويات الأنشطة المسجلة خلال عام انقضى وعام آخر، توحي كل مؤشراته بتصاعد الإنتاجية خلال أشهره المنصرمة.
وبحسب قول المهندس محمد عبد الله مبارك بن عيفان، رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن، فلغة الأرقام هي الأصدق والأفصح من التوصيفات والتعبيرات والقواميس والمعاجم اللغوية البديهة، وعندما تحقق كل ذلك كان هناك عقول تفكر وأياد تنفذ وأجساد تعرق وتجتهد ورجال ونساء يعملون ويبذلون بسخاء وبروح الفريق الواحد.

** إنجازات ملحوظة
وخلال الفترة من العام 2007 حتى أواخر العام 2008 فتحت آفاق رحبة وواسعة للانطلاق بهذه المؤسسة وتم تقويم الكثير من اللوائح والأنظمة القديمة واتخاذ العديد من الإجراءات والقرارات التنفيذية التصحيحية وتنشيط وتفعيل قرارات ميناء عدن وإمكانياته على طريق استعادته للمكانة الدولية المتقدمة التي كان يتبوؤها بين الموانئ الإقليمية والدولية.
وفي مقدمة الإنجازات توسيع مهام وصلاحيات سلطة المؤسسة على جميع المراسي والأرصفة في الحوض المائي لميناء عدن بموجب المادة 4 من القرار الآنف الذكر الذي بموجبه تؤول إلى المؤسسة ومنها محطة عدن للحاويات وأرصفة مناولة السفن في المعلا وعدن الصغرى وحجيف والتواهي وكذلك الحوض الداخلي لميناء عدن وممراته وقنواته الملاحية وحواجز الأمواج ومراسي وطافيات الربط منه، فضلا على أية موانئ أو أرصفة أخرى لمناولة السفن تنشئها المؤسسة ويصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير.
ويؤكد مدير الإدارة العامة للتسويق والإعلام في المؤسسة، عبدالغني سيف، أنه كان من الضروري إفساح المجال أمام تطوير وتحديث الميناء والوقوف بجدية أمام تحديد مسؤوليات وصلاحيات سلطة الميناء والمهام الكبيرة التي يؤديها كمرفق حيوي واستراتيجي مهم، خصوصا وأن ميناء عدن عانى استلاب صلاحياته على المنشآت المينائية وأهمها إدارة تشغيل محطة عدن للحاويات أو الإشراف عليها في إطار اختصاصاته في تسيير وإدارة الأنشطة الملاحية والتجارية البحرية وظلت عملية إدارة تشغيل المحطة من قبل الشركة البديلة مثار شد وجذب وتدخلات وممارسات مضرة ومخالفة للعديد من الجهات المختلفة على مدى السنوات الأخيرة دون حل حتى أواخر العام 2007 في وقت كانت فيه قيادة المؤسسة تدير المفاوضات الصعبة والمعقدة بصبر وبنفس طويل مع الشركة المشغلة للمحطة حتى تكللت العملية بالنجاح، بالانتقال المرن والمدروس بعناية وحرص دقيق حتى اللحظات الحاسمة التي استلمت فيها المؤسسة محطة عدن للحاويات وإدارتها وتشغيلها اعتبارا من الفاتح من شهر أبريل 2008.

** اتفاقية للشراكة
وإثر توقيع الاتفاقية المبدئية للشراكة بين المؤسسة وموانئ دبي العالمية في نوفمبر 2007 كانت المؤسسة قد استجلبت أثناء عملية التسليم والاستلام خبراء دوليين في مجال إدارة وتشغيل محطات الحاويات للاستعانة بخبراتهم إلى جانب الخبرات المحلية المكتسبة خلال الفترة الانتقالية تمهيدا لتنفيذ اتفاق الشراكة مع شركة موانئ دبي العالمية.
ومع اقتراب إنجاز مهام اللجان الفنية المشكلة لتعديل التعرفة وأجور الشحن كانت قيادة المؤسسة قد بادرت مع قيادة الوزارة بتصحيح مضامين العديد من اللوائح والأنظمة المالية والفنية والإدارية بحيث أصدرت القرارات الإدارية بتشكيل اللجان الفنية وتحديد المهام المطلوب تنفيذها والمكونة من المتخصصين والقانونيين وطرق الدراسة والاستفادة من تطبيقات الموانئ الإقليمية والدولية وإعداد لوائح بديلة وحديثة لتنظيم وإدارة الأنشطة الملاحية والتجارية في الحوض المائي لميناء عدن.

** مرونة
أما ما يتعلق بالمرونة التي أقدمت عليها مؤسسة موانئ خليج عدن فيمكننا القول، وبحسب ما لمسناه من قيادة المؤسسة، إن احتكار أعمال الشحن والتفريغ في ميناء عدن ظل هاجسا مسيطرا على أرباب الشراكة في جوانب الأنشطة ومستقبلي المؤسسة والميناء بشكل عام، وهو الأمر الذي دفع بقيادة الوزارة والسلطة المحلية للمحافظة والجهات ذات العلاقة إلى اتخاذ الإجراءات والخطوات التي أدت إلى عملية الاحتكار وتحرير هذه الأنشطة.
أما مجال التطوير الذي أقدمت عليه المؤسسة فهو تنفيذ مشروع تركيب وتجهيز (تنصيب) عوامات الإنارة الجديدة والحديثة على طول القناة الملاحية ذات المراقبة الالكترونية وبمواصفات حديثة على طول القناة الملاحية لميناء عدن والتي تعد من أحدث المساعدات الملاحية على نطاق موانئ الجزيرة العربية والخليج العربي وتستخدم هذه العوامات في موانئ الإمارات والبحرين واليمن فقط حتى يومنا هذا.
وللرفع من قدرات وإمكانيات ميناء عدن الفنية والتشغيلية وتحسين وتطوير مستوى الخدمات اللوجستية التي يقدمها للسفن الوافدة، فقد عملت المؤسسة على رفد الأسطول الملاحي بزورقي إرشاد وثلاثة زوارق ربط إلى الخدمة قريبا من سقطرى و"عبدالكوري" للخدمة في الميناء.

** استئناف إبحار الخط الملاحي (APL)
كما تم استئناف إبحار الخط الملاحي (APL) إلى ميناء عدن وتحديد الاتفاقيات مع ملاك وممثلي عدد من الخطوط الملاحية الدولية للحاويات. كما أجريت محادثات مع مندوبين من الخط الملاحي البنغالي الذي يخطط لاستخدام محطة عدن للحاويات كنقطة أساسية لحاويات الترانزيت وكذلك الإشارات الواصلة من الخط السنغفوري (PIL) للاعتماد على محطة عدن للحاويات كمحطة رئيسية لحاويات الترانزيت وإعادة توزيعها. كل هذه التطورات هي نتيجة للقدرات التي أثبتتها المؤسسة منذ استلامها للمحطة وإدارتها وتشغيلها تحت إدارة دولية متخصصة، وكذلك ما تنتظره محطة الحاويات من تطوير واستثمارات ضخمة تشترك فيها المؤسسة مع موانئ دبي العالمية.
أما الحديث عن مناولة الحاويات فقد تم تحقيق أعلى معدل في مناولة الحاويات في العام 2007 بحيث تجاوز النصف مليون حاوية نمطية.
في حين تجري الاستعدادات حاليا لتنفيذ عدد من المشاريع التحديثية والاستراتيجية التي استكملت الدراسات العملية والمسوح الفنية عنها، ومنها مشروع توسعة وتعميق المراسي والقناة الملاحية لرفع جاهزيتها وتأهيلها لاستيعاب أجيال السفن الحديثة، كما تجري الاستعدادات لتنفيذ أول عملية لانتشال حطام السفن وتنظيف الحوض المائي لميناء عدن من المخلفات المتراكمة على مدى العقود الماضية، فضلا عن أجراء الدراسات بشأن إنشاء رصيف بحري في جزيرة ميون.
وعلى صعيد آخر تم استكمال الدراسات الخاصة بإعداد المخطط العام لميناء عدن حيث انتهت تقريبا لجنة فنية متخصصة بالاستعانة والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا الجانب من إعداد مشروع المخطط العام لميناء عدن وسيرى النور قريبا بعد الانتهاء من بعض الإجراءات والخطوات القانونية.
وعلى الصعيد العملي والفني تم أعادة تأهيل وتهيئة المزلق الرئيسي في الدائرة الهندسية (الفنية) للمرة الأولى في تاريخ الميناء والمؤسسة لعمليات ترميم وإصلاح وصيانة القاطرات البحرية الحديثة والسفن السمكية فعليا فضلا عن تأهيل ميزان الشاحنات إلى الخدمة في أرصفة المعلا وتنصيب وتركيب جهاز قياس المد والجزر المتطور (GLOOS) مما أعاد عدن لتكون إحدى خمس محطات دولية يتم من خلالها مراقبة التمدد الحراري وارتفاع مستوى سطح البحر في العالم وذلك بواسطة الأقمار الصناعية وإجراء عملية تقييم أصول محطتي عدن والمعلا للحاويات بالاستعانة بخبرات دولية متخصصة وتطبيق نظام العمل بالحاسب الآلي في المجالات المالية والإدارية وإجراء الدراسات الفنية بشأن إعادة تأهيل وتنشيط الدائرة الهندسية وتزويد مواقع العمل والخدمة بوسائل النقل المتنوعة والحديثة وتنفيذ مشروع تنصيب شبكة اتصالات ومحطات مراقبة وتنفيذ عمليات مسح وتعميق عدد من المواقع لصالح الجهات المستخدمة للحوض المائي للميناء.
وفي بادرة جديدة وناجحة أنهى الفريق الفني للمؤسسة عملية صيانة وترميم للسفينة التي تحمل علم بنما "جريكو4" بنجاح ملفت. وتأتي عملية الصيانة والترميم للسفينة المذكورة في إطار عمليات الصيانة والترميمات المتتالية لعدد من السفن السمكية والعامة والقطع البحرية الكبيرة التابعة للأسطول البحري للمؤسسة. ونشير إلى النجاح الذي سجله الفريق الفني برئاسة كبير المهندسين ياسر القباطي الذين عملوا على تطوير قدرات المزلق بطريقة هندسية مبتكرة أثناء صيانة وترميم السفينة البنمية التي بلغ طول بدنها نحو 42 متر تقريبا أو تجاوزت زنتها الـ250 طنا.

** أهداف استراتيجية
ونشير أيضا إلى الاستراتيجية الوطنية للموانئ اليمنية التي يجري الإعداد لها حاليا وتحدد الاتجاه العام للموانئ اليمنية على المستوى الوطني والتي تم إعدادها من قبل الشركة الاستشارية الأميركية "كورنيل جروب" ويمولها البنك الدولي.
وتهدف الدراسة إلى تشخيص واقع الموانئ اليمنية وتقييم المواقع المستقبلية لها مستويات ومميزات كل ميناء وموقع في إطار رؤية مستقبلية شاملة للموانئ اليمنية بشكل تكاملي وتنافسي معا.

** قلب الموازين
مهندس مشروع تشغيل المزلق الرئيسي، المهندس ياسر القباطي، يقول بتفاؤل: "حتى صباح يوم الاثنين 12 مايو 2008 كانت الكفة مرجحة لانطلاق القاطرة البحرية (وادي حسان) في رحلة طويلة وبعيدة نحو الحوض الجاف لأحد الموانئ العربية المجاورة للإصلاح والصيانة لتعذر الصيانة في ميناء عدن على إثر خروج الحوض العائم من الجاهزية في الوقت الذي كانت تجرى فيه إعداد الدراسات والتصميم لإمكانيات استخدام وتشغيل المزلق الرئيسي (الحوض الجائف) القابع في الدائرة الفنية للمؤسسة في عمليات الإصلاحات والصيانة للقطع البحرية الكبيرة وكانت النتائج الايجابية ومشجعة بل ومبشرة على الصعيدين الاستراتيجي والاقتصادي وبتوجه من رئيس المؤسسة المهندس محمد عبد الله مبارك بن عيفان.
ويضيف القباطي انه في مساء اليوم نفسه انقلبت الموازين وعدل مؤشر الكفة في خطوة سجلتها العدسات ورصدتها قلوب وعقول العاملين حيث كانت القاطرة البحرية "وادي حسان" تقف على المزلق استعدادا لانطلاق عمليات الإصلاح والصيانة للقطع البحرية الكبيرة في حدث اقتصادي وحيوي يسجل لأول مرة في تاريخ الميناء والمؤسسة حيث سبق كل ذلك قيام الفنيين والعاملين بتجهيز وفحص أجزاء المنظومة الكهربائية للمزلق بعمليات تنظيف وإزالة الرواسب والمخلفات وتعميق للمساحة الطويلة أي ما بعد النقطة الأخيرة للمزلق فيما سجلت ساعات ولحظات صعود القاطرة على المزلق نشاطا ملحوظا ومكثفا لجميع أقسام وورش الدائرة الهندسية.
يذكر أن طول المزلق الذي كان قد بني في العام 1964 إلى جانب عدد آخر من المزالق الصغيرة والمتوسطة نحو 30 مترا وبعرض عشرة أمتار في حين وزن القاطرة البحرية أكثر من 500 طن وبطول نحو 31 متر تقريبا.
وبعد أن تمت للمزلق مؤخرا عمليات الصيانة والإصلاحات لسفينة سمكية والقطع البحرية للشؤون البحرية وزوارق مصلحة خفر السواحل - قطاع خليج عدن حيث تلقت المؤسسة العديد من الطلبات بهذا الخصوص.