قائد القوات البحرية الفرنسية في المحيط الهندي:لا مخاطر من تواجد قوات دولية لمكافحة القرصنة
   
صنعاء/موقع محافظة حضرموت/سبأنت: حاوره - عبدالله الحسامي - الأربعاء 19/11/2008
081119104031-98674-55919.jpg

الساعة الثالثة عصرا من يوم السبت الماضي وفي منزل السفير الفرنسي بصنعاء جيل غوتيه، كانت "السياسية" على موعد للقاء صحفي مع قائد القوات البحرية الفرنسية في المحيط الهندي الادميرال جيرار فالان على هامش زيارته الأخيرة لليمن.

وبدون إعداد مسبق لهذا اللقاء مع فالان، الذي شاركه السفير الفرنسي بعض الإجابات، ركزت "السياسية" أسئلتها على موضوع القرصنة، وأبعادها، وكم عملية قامت بتنفيذها القوات الفرنسية لتحرير رهائن من أيدي القراصنة؟
كما تطرق اللقاء إلى الغرض من زيارته لليمن، وعن طبيعة القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي. وفيما يلي نص اللقاء:
* ما الغرض من زيارتكم إلى اليمن؟
- أولا، شكرا على حسن الاستقبال الذي لاقيته من قبل نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي، وكذلك من رئيس هيئة الأركان أحمد الأشول، ومن أصدقائي القدامى في كل من هيئة الأركان في البحرية ومصلحة خفر السواحل.
زيارتي تأتي في الإطار العام للتعاون بين اليمن وفرنسا وبين الجيشين على وجه الخصوص، وكذلك بين الأمن والشرطة بين البلدين، حيث لدينا تعاون وثيق يقوده رئيسا البلدين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ونيكولا ساركوزي.
**التعاون اليمني الفرنسي
* ما جديد المباحثات الفرنسية - اليمنية في المجال العسكري؟
- ما استدعيه من هذه المباحثات هو أننا لدينا المقاربة نفسها ووجهات النظر نفسها في البلدين تجاه المشاكل الأمنية في المنطقة، ولدينا الطريقة نفسها التي ننظر فيها إلى التعاون في مكافحة القرصنة. بيننا تعاون وثيق ونمتلك الرؤية نفسها، وهي رؤية شاملة تؤمن بأن العملية العسكرية وحدها لا تكفي، وإنما يجب مساعدة الشعب الصومالي.
* هل فرنسا راضية عن التعاون اليمني؟ وما جديد هذا التعاون؟
- "لم أكن راضيا عن هذا التعاون، إنما حاليا أنا راضٍ عن هذا التعاون، حيث لم يكن لدينا تعاون بهذه القوة في الماضي ومنذ أن استلمت مهامي في إطار العمل هناك ست أو سبع سفن فرنسية قامت بتنفيذ تمارين مشتركة، وهذا لم يحدث من قبل سواء مع خفر السواحل أم مع البحرية اليمنية، نحن نطوّر مهاراتنا ونحسن قدراتنا للعمل معا في البحر، وهذه التمارين لم تكن بهذا المستوى من قبل".
ويمكن أن نقول إنه لم يكن لدينا هذا المستوى من التعاون بين الجيشين، وهذا إنما تعكسه رغبة سياسية قوية من قبل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. التعاون بين جيشينا هو أولوية أعطيت لي من قبل قائد أركان الجيش الفرنسي جون لويس جورج لان، عندما تسلمت مهامي.
* هناك حديث عن مخطط لتدويل البحر الأحمر عبر نافذة مكافحة القرصنة..؟
- مكافحة القرصنة هي واحدة من عدة عناصر، الإشكالية العامة التي تقتضي تعاونا على المستوى الدولي، إذ أن جميع الدول تواجه التهديدات نفسها والمخاطر نفسها، سواء كان الأمر يتعلق بالقرصنة أم بالإرهاب أم بالتلوث أم بالاصطياد غير المشروع أم بالتهريب بأشكاله، ولا يمكن لأي أحد سواء (كان فردا أم دولة) أن يتصدى لهذه المخاطر بمفرده، وهذا يستدعي تعاونا في إطار دولي، وأنا في إطار مسؤوليتي في المحيط الهندي فإن كل ما يحدث من الجانب الفرنسي يقع تحت مسؤوليتي، والقرصنة بالتأكيد تقع في صميم هذا الموضوع.
وفيما يخص التدويل لا يوجد مشروع لتدويل خاص للبحر الأحمر أو لخليج عدن، هناك دول تنسق فيما بينها لمكافحة هذا الوباء المشترك (القرصنة) في المياه الدولية.
* هل هناك ضمانات قدمت بخصوص موضوع التدويل؟
- لا أفهم مصطلح "تدويل"، لكن بالنسبة لي لا توجد أي مخاطر من تدخل أجنبي غير مشروع من قبل قوات الاتحاد الأوربي، أولا: هذه القوات لم تأتِ لمكافحة القرصنة في البحر الأحمر، هي جاءت لتنفيذها في خليج عدن. والقرصنة هي: الأعمال التي تحدث في المياه الدولية، أما إذا كانت في المياه الإقليمية فإنها لا تعرّف على أنها أعمال قرصنة إنما تعرّف على أنها أعمال تقطع وتخريب، ومكافحتها يناط بسلطات الدول وفي إطار وطني.
فيما يخص الأعمال التي تحدث في المياه الدولية أو أعمال الدول التي تنفذ في البحر، تنفذ في المياه الدولية وتسير في إطار الاحترام الأمثل لسيادة الدول والقوانين.
أما إذا كان هناك تدخل فإن هذا لا يتم إلا بالاتفاق مع الدولة المطلة، وهذا ما حدث مع الصومال، إذ سمحت لفرنسا أن تنفذ عمليات لمكافحة القرصنة على أراضيها. وأذكر أن الدول الأكثر تعرضا أو معاناة لأعمال القرصنة هي الدول المطلّة.
مداخلة من السفير الفرنسي في صنعاء جيل غوتيه:
ليس من الممكن تدويل المياه الدولية، وكل البحار في العالم هي دولية. فقط المياه التي هي على مسافة معيّنة من الساحل هي مياه إقليمية، وممارسة الأساطيل لأعمالها في المياه الدولية هي حسب قوانين معينة، وممارسة الأساطيل في المياه الإقليمية هي برخصة من الحكومات.
لو يريد الأسطول الفرنسي أن يدخل المياه الإقليمية اليمنية فلا بد أولا من موافقة الحكومة اليمنية.
الادميرال جيرار فالان: نشر القوات التي ينفذها الاتحاد الأوربي تأتي في إطار قرار الأمم المتحدة رقم 1738 الذي من خلاله أطلقت الأمم المتحدة نداءً دوليا لمحاربة القرصنة في خليج عدن في إطار احترام القوانين الدولية واحترام قوانين وسيادة الدول، وهذه المبادئ نتمسك بها. وما يتم تنفيذه يأتي في إطار تنسيق ممتاز مع الدول المطلة من البداية.
* لماذا لا تدعمون الدول المطلّة على البحر الأحمر في مكافحة القرصنة؟
- سأكون صريحا معك حول السؤال المتعلق بمسألة المكافحة، وحقيقة الدول المطلة على البحر الأحمر مدعومة في هذا الجانب وتحظى بمساعدات دولية بهدف تأمين الأمن والسلامة في المنطقة، والدليل على ذلك التعاون القائم بين البحرية الفرنسية وكلٍ من البحرية اليمنية وخفر السواحل. إذ لا يمكن القول إن الدول المطلّة ليست مدعومة، ولديكم الحق أن تتطرقوا لمسألة السيادة فيما يخص الدول المطلّة، واليمن تحمل مسؤوليته في هذا الجانب، وتقدّم بمبادرة قوية لمكافحة القرصنة. إلا أن جهود الدول المطلّة لا تكفي، فلو كانت هذه الجهود في مكافحة القرصنة كافية، ولم تحدث أي عمليات قرصنة لما أتت السفن الأجنبية لمكافحة القرصنة.
وحقيقة ما نفذ من أعمال قرصنة خلال العام الماضي يزيد بكثير جدا عمّا تم تنفيذه خلال الثلاث السنوات الأخيرة. وأضيف أن الصومال من أولى الدول المطلّة على خليج عدن، وقد طلبت مساعدة دولية في مكافحة القرصنة.
* ما مدى تقييمكم للوضع الأمني في البحر الأحمر والعربي؟
- فيما يخص التهديدات في البحر الأحمر فإن مستواها ضعيف، إذ لا يوجد لدينا نموذج لهذه الأعمال من القرصنة في الوقت الحالي، في المقابل فإن مستوى التهديدات في خليج عدن هي قوية؛ لأن أمامنا قراصنة محترفين ومنظمين تنظيما جيدا، ويمتازون بكفاءة عالية، ومجهزين بمعدات قوية، إضافة إلى أنهم يمارسون أعمالا تدر عليهم عائدات مادية.
على المستوى التقني فقد نجح القراصنة في إمساك 35 قاربا من إجمالي 120 محاولة، ولهذا فإن التهديد قوي، وما يزال قويا في خليج عدن وشرق الصومال، إلا أنه ليس كذلك في البحر الأحمر.
* هل هناك تعاون صومالي - فرنسي في مكافحة القرصنة؟
- فرنسا عملت منذ البداية على استدعاء انتباه الأمم المتحدة لما تسببه القرصنة من مخاطر، ومنذ البداية تعمل فرنسا على محاربة هذه المشكلة في إطار رؤية شاملة. فالعملية العسكرية وحدها لا تكفي، ولمكافحة القرصنة يجب أن يتم العمل من حيث مصدر القرصنة، ولولا وجود المجاعة لما وجدت القرصنة.
* كم عملية قمتم بتنفيذها لتحرير رهائن من أيدي القراصنة؟
- نفذنا عمليتين، الأولى في 11 أبريل 2008؛ لتحرير 30 هينة وأدت هذه العملية إلى إلقاء القبض على ستة قراصنة في الأراضي الصومالية، وذلك بموافقة الحكومة والرئيس الصومالي.
والثانية كانت في 16 سبتمبر، واقتضت العملية تنفيذ الهجوم بقوات حيّة لتحرير سفينة شراعية (كاري داس) قام سبعة قراصنة باختطافها وأخذ رهينتين (رجل وامرأة) وقمت بتنفيذ العملية بمعية قوات الكوماندوز البحرية.
لقد كانت العملية العسكرية الأخيرة خطيرة نظرا للظروف المحيطة بها ونظرا لمقاومة القراصنة، مما اضطررنا إلى قتل أحدهم وإلقاء القبض على الستة الآخرين.
وكانت العملية الأولى التي نفذتها فرنسا في هذا الإطار هي عملية مرافقة للسفن التابعة لبرنامج الغذاء العالمي، والتي كانت تحمل ما يقارب 30 ألف طن من المواد الغذائية، وقدمت خلال الفترة من ديسمبر 2007 حتى يناير 2008 لما يزيد عن مليون صومالي.
وعلى كلٍ، قادت العمليتان إلى إلقاء القبض على 12 قرصانا، وهم الآن في السجون الفرنسية بانتظار المحاكمة، وكل هذا تم بموافقة الحكومة الصومالية. وهاتان العمليتان العسكريتان هما عبارة عن التعبير العسكري للرغبة السياسية الفرنسية في مكافحة القرصنة، والتي اقتضت تحركا دوليا لمكافحتها.
ونحن لا نقبل أن يمنع هؤلاء القراصنة (المجرمون) الصيادين أو السفن التجارية من السير بحرية في خليج عدن أو في المياه الدولية.
** القراصنة والقوات الدولية
* لماذا لا يتم محاكمة القراصنة في بلدهم بدلا من فرنسا؟
- الرئيس الصومالي عبدالله يوسف أعطى الإذن بموجب اتفاقية البحار (مونتغوباي) لعام 1982، وهذه الاتفاقية تنص على أن الدول التي ألقت القبض على قراصنة ارتكبوا جريمة في المياه الدولية في حق سفنها هي التي تقوم بمحاكمتهم أو تقوم بمحاكمتهم دولة طرف في هذه الاتفاقية.
* هل برأيكم ستستطيع القوات الدولية محاربة القرصنة؟
- بالنسبة لي أرى أنه قبل هذا التحرك الأخير فإن أعمال القرصنة قد تصاعدت بشكل كبير جدا إن لم تكن هناك أي عملية كافية، كما أن الأمم المتحدة في حينها لم تكن قد تحركت كما تحركت من بعد، وأظن مكافحة القرصنة ستأخذ بعدا إضافيا مع وصول القوات الأوربية.
* ما هو البعد الذي يمكن أن تأخذه؟
- ستكون هناك إمكانيات كبيرة، ستسير وفق تنسيق أكبر في المكافحة، وسيصعب على القراصنة تنفيذ أعمالهم، وهذا لا يعني أن القرصنة ستنتهي لكن سيصعب على القراصنة تنفيذ أعمالهم.
* متى ستصل القوات الدولية؟
- من المنتظر أن تصل نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل، ولكن على الأرجح أنه ستصل في شهر ديسمبر.
* برأيكم من يقف وراء القرصنة، هل هي لعبة دولية – أميركية، كما يراها البعض؟
- المسألة "بيزنس" مثل التجار بالنسبة لي. البعض يرى أنه يمكنه أن يجني أموالا كثيرة من خلال القرصنة والاستيلاء على سفن واحتجاز من عليها كرهائن وطلب فدية لإطلاق سراحهم، فالبعض يختار تجارة مخدرات والبعض يختار القرصنة. وحسب علمي، لا توجد وراء ذلك أية فكرة سياسية أو أيديولوجية.
** قاعدة جيبوتي
* ماذا عن طبيعة القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي؟ وما هي مهامها؟
- الأمر سهل، فمنذ استقلال جيبوتي عام 1976 هناك اتفاق دفاعي مشترك بين كلٍ من جيبوتي وفرنسا، وفي إطار هذا الاتفاق توجد القوات الفرنسية في جيبوتي، وهي دولة ذات سيادة، وفرنسا تحترمها، وتشارك هذه القوات الفرنسية الموجودة في مكافحة القرصنة، وتحت إمرتي طائرة دورية ضمن هذه القوات، ويمكن أن أطلب أكثر إضافة إلى أفراد من قوات الكوماندوز البحرية الذين هم على متن السفن التي أقودها سواء في المحيط أم في خليج عدن وهم أيضا من قاموا بتحرير الرهاين في العملية الأخيرة.
والقوات الفرنسية – الجيبوتية مثلها مثل القوات المنتشرة في العالم، هي قوات سلام واستقرار، وتعمل على مساعدة الاستقرار في المناطق التي تعمل فيها أو تتواجد فيها.
* رغم وثيقة الدفاع الفرنسية - الجيبوتية إلا أن هذه القوات لم تتدخل في الدفاع عن جيبوتي جراء الاعتداء الاريتري الأخير، لماذا؟
- حقيقة، هذا المجال لا يندرج ضمن تخصصاتي في المحيط الهندي، ولكن معرفتي هي أن ما حصل لم يكن هجوما مقصودا من قبل القوات الاريترية، وإنما هو حادث حدودي يحدث في معظم بلدان العالم، وهذا الحادث أدى إلى سوء تفاهم، وكان الهدف أن يتم حل سوء التفاهم من خلال التفاوض. ولا أظن أن أيا من البلدين كان يريد الدخول في الحرب بسبب هذا الحادث.
السفير الفرنسي - متحدثا: بحسب علمي، لا توجد أراضٍ جيبوتية محتلة من قبل القوات الاريترية، وإن كانت موجودة فهي بمعدل مئات الأمتار، وتمثل حادثا. فرنسا قدمت في إطار اتفاق الدفاع مساعداتها لجيبوتي سواء على المستوى الطبي أم المعلوماتي (الاستخباراتي) ولا أظن أن جيبوتي كانت ترغب الدخول في حرب مع اريتريا بمعية القوات الفرنسية. وبحسب تصريحات الرئيس الجيبوتي فإنه عبّر عن رضاه إزاء الدعم الذي قدمته فرنسا لبلاده.
* فرنسا حذَّرت رعاياها في اليمن من هجمات إرهابية، ما طبيعة هذه التهديدات؟
- أنا لا أعيش في اليمن، وهي لا تقع ضمن مسؤولياتي، ولذا فإن هذه مسألة أمنية لا أعرفها، ولا يمكن لي أن أدلي بدلوي فيها، ولكن بحسب علمي فإنه بعد آخر العمليات الإرهابية في اليمن أخذت بعض الدول إجراءات احترازية.

 

 


    Bookmark and Share

هل تؤيد فكرة انشاء الأقاليم كأحد مخرجات الحوار الوطني ؟


النتيجة