و بعد ذلك التحق بمدرسه المعلمين بالغيل و تخرج منها في العام الدراسي 48/1949م و هذه الدفعة تعد من الدفعات النموذجية وهي الدفعة الخامسة. التحق بمهنة التدريس وعمل سنوات معلما ثم انتقل إلى عدد من المحافظات ووديانها و سهوله ومناطقها الصعبة النائية. يعد الأستاذ / سالم عبداللاه الحبشي من جيل الرواد الذين حفروا في الصخور وعملوا في ظروف صعبة و تنقلوا و ساروا مشياً على الأقدام ساعات طويلة ليسهموا في نشر رسالة التعليم في الكثير من المناطق النائية والمحرومة , ونتيجة لما أبداه من نبوغ في عمله تدرج في سلم الوظيفة إلى درجة مدير مدرسة و كان يستحق هذا المنصب بكفاية و اقتدار نتيجة لما تحصل عليه من دورات تدريبية و تأهيلية خارجية و داخلية و منها دورات في معهد بخت الرضاء بالسودان( من أشهر المعاهد التربوية في العالم العربي) و دوره في المكتب الإقليمي لليونسكو في بيروت, تحمل إدارة عدد من المدارس الابتدائية في عدد من مدن المحافظة و من بين هذه المدارس المدرسة الشرقية بالمكلا.و عندما وجد التوجه الجاد لدى قيادة التربية و التعليم لتعزيز مواقع هذا المكتب بالكفاءات التربوية النشطة و القادرة على العطاء, أسندت إليه مسؤولية دائرة الامتحانات و البعثات بمكتب الوزارة في المحافظة, و ظل يؤدي هذه المهمة بكل نزاهة و إخلاص و إتقان و جهد لا يعرف الوهن إليه سبيلا, برغم حساسية الموقع الذي يتعامل مع مصير الطالب في منحه الشهادة التي تمثل جواز مرور لرحلته مع الحياة العملية, أو حصوله على المنحة الدراسية الخارجية التي ستفتح لكل من يحصل عليها آفاقا واسعة في الحصول على المراتب المناسبة في أجهزة الدولة كان الأستاذ/ عبد الله الحبشي طيب الله ثراه يتعامل بكل حرص و مسؤولية و بكل نزاهة و استقامة و أمانة و استطاعة من خلال وجوده في قيادتها دائرة الامتحانات و البعثات الحصول على المكانة و السمعة الطيبة و النموذجية في العمل على مستوى كل المحافظات و كان يفني ذاته محبا و عاشقا لعمله لدرجة أنه ينجز مهاما و مسؤوليات يعجز عن القيام بها قسم بأكمله و هذه ليست مبالغة في حق هذا الأستاذ الجليل ولكنها حقيقة يؤكدها كل من عاصره و عملوا معه ظل يعمل في مجال التربية و التعليم متدرجا في الكثير من وظائفها و مناصبها إلى أن أحيل إلى التقاعد عام 90/91م بعد خدمه استمرت أكثر من أربعين عاما متجاوزا سنين الخدمة المدنية بأكثر من خمسة أعوام .بعد أن أحيل إلى التقاعد و بحكم تعوده لسنوات طويلة على العمل و النشاط لم يسترح لحياة الدعة و الخمول حيث تحمل مسؤولية مدارس الفكر النموذجية الخاصة لسنوات كثيرة حقق من خلالها الكثير من النجاحات و زيادة الإقبال و الالتحاق بتلك المدرسة نتيجة لاستخدامه الكثير من الأساليب التربوية الحديثة رغم ما يبذله من جهد و عطاء في المجال التربوي و التعليمي يشهد له الجميع من تربويين وغيرهم.كما كان له عطاءات في مجالات عدة من أهمها المسرح فهو يعد من كتاب المسرح المعروفين بل أنه من أهمهم على الإطلاق ليس على مستوى حضرموت بل أنه منافس قوي لأشهر الكتاب المسرحيين في اليمن أمثال عبد المجيد القاضي , سعيد عولقي , محمد الشرفي , عبد الكافي محمد سعيد و هو كاتب مسرحي ساخر يعالج في الكثير من أعماله المسرحية الظواهر الاجتماعية الضارة كالرشوة و المحسوبية و الفساد وغيرها من الظواهر السلبية التي تخز جسم المجتمع و تؤدي إلى تخلفه .من أهم أعماله المسرحية عاشق الوظيفة, ريف بلادي الناقوس , محاكمه ذبابه, التحدي, شمعه فوق شمعه تصبح مشعال, الاستجابة, طاب ليلك يا عريس و له الكثير من الأعمال المسرحية للمسرح المدرسي فمن ابرز الفرق المسرحية التي مثلت أعماله المسرحية فرقة بارادم للمسرح التابعة للمجلس العمالي للمحافظة و بعض الفرق المسرحية الأخرى.كما انه له اهتمامات بالموسيقى و التراث الغنائي يتمتع بذوق و حس رفيع , تحمل في فترة الخمسينيات رئاسة الندوة الموسيقية بالمكلا, و تحمل أو بالأصح أسندت إليه رئاسة الأنوار الموسيقية بالمكلا التي تأسست في بداية السبعينيات من القرن الماضي, و كانت تتنافس مع فرقه بلقيس الموسيقية التي كان يترأسها الأخ زين احمد عبدون و أثمر هذا التنافس الشريف عن ازدهار و انتعاش للطرب و الموسيقى و ارتقى بالذوق الفني و الموسيقي في تلك الفترة. كان من المعاصرين الفنان خالد الذكر/ محمد جمعه خان يحتفظ بمعلومات قيمه عن جوانب إبداعات هذه العبقرية الموسيقية, له الكثير من الآراء الصائبة الثاقبة في قضايا الفن و التراث الغنائي, كان له نشاط تطوعي مع بعض الجمعيات و الفرق و من بين من عمل معهم جمعية رعاية و تأهيل المكفوفين بمحافظة حضرموت كان يسهم في الإشراف و التوجيه لأنشطتهم و أعمالهم من خلال جمعية النور للمكفوفين و كان من بين قلة من رواد التعليم في حضرموت يتفاعل من نشاطات مكتب وزارة التربية و التعليم بالمحافظة من خلال المشاركة الإيجابية في الكثير من الندوات و حلقات النقاش و منها الندوات: 1- عن تطوير المناهج وفق رؤية إستراتيجية 2- تجربه المدارس المحورية التي حققت محافظة حضرموت السبق فيها 3- تقديم بعض الرؤى و الأفكار حول رفع كيفية النظام التعليمي في حضرموت بالاستناد إلى وثيقة استراتيجيه التطوير التعليم الأساسي في بلادنا من عام (2003-2015م) التي اقرها المؤتمر العام التربوي الأول في أكتوبر 2002م.شارك ضمن المشاركين من محافظة حضرموت في فعاليات المؤتمر العام التربوي الأول الذي انعقد في العاصمة صنعاء و كانت له مساهمة بارزة في إقامة المنتدى التربوي الذي نظم عددا من الفعاليات و الأنشطة التربوية و الثقافية وكان في الأشهر الماضية يعكف على وضع النظام الأساسي لهذا المنتدى و قد شارك في فعالياته قبل أن يتوفاه الله في 9مايو 2004م .تم اختياره ضمن المكرمين (الدفعة الأولى ) لرواد ورائدات التعليم الذي تم تكريمهم في أكتوبر 2002م برعاية كريمة من قبل الأستاذ/ عبد القادر هلال محافظ محافظة حضرموت سابقا.إن واجب الوفاء و العرفان يقتضي على المعنيين بالأمور التربوية و الثقافية إيلاء المزيد من الاهتمام بإبداعاته و خاصة أعماله المسرحية و بحوثه التربوية و غيرها و أن تتصدى لهذا العمل لجنة من ذوي الخبرة و الكفاية و متى ما حققنا نجاحا في هذا الجانب سنكون أوفياء تجاه تلكم القامات السامقة من أعلامنا ولنمتثل قوله تعالى : (قول اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون).